للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جهة التشبيه، وأنت لم ترد ذلك مع ظننت (١)، ولك أن تدعي أن من قال: ظننت زيدا عمرا صح عنده قبل دخول ظننت أن يكون زيد عمرو مبتدأ وخبرا، لأن حقيقة ظننت زيدا عمرا، ظننت المسمى زيدا المسمى عمرا. وإذا كان كذلك صح أن يقال: المسمى زيدا في نفس الأمر هو المسمى عمرا عندي، فقد صح الإخبار بالثاني عن الأول، باعتبار ما يتوهمه المتكلم، وإن كان ذلك ليس بصحيح في الواقع، وإذا كان كذلك فظننت [٢/ ١٦٧] في قول القائل: ظننت زيدا عمرا إنما دخلت على ما كان مبتدأ وخبرا عنده، فهو يخبر بذلك منبها على غلطه أولا.

ومنها: أنهم قالوا: إن حق هذه الأفعال المذكورة في هذا الباب أن لا تعمل، لأن كل عامل يدخل على الجملة، فإنه لا يعمل فيها نحو قولك: قال زيد عمرو منطلق، وقرأت «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» قالوا: لكنها شبهت بأفعال باب أعطيت في أنها أفعال كما أن تلك أفعال وتطلب اسمين كطلبها، فلذلك نصبت المفعولين قال. وإنما لم يشبه «قال» و «قرأت» بأعطيت فتنصب بهما لأن ظننت وأخواتها لا يليها إلا اسمان أو ما هو بمنزلتهما كما أن أعطيت وأخواتها لا تطلب إلا اسمين. وقال وقرأت قد تدخل بعدهما الجمل الفعلية نحو: قال زيد قائم عمرو، وقرأت «اقتربت السّاعة» فكانت ظننت وأخواتها أشبه بأعطيت وأخواتها من «قلت» و «قرأت» وأمثالهما، قالوا: ولكون حق هذه الأفعال أن لا تعمل انفردت بجواز -


(١) ما قاله السهيلي في نتائج الفكر (ص ٢٧٧) من قسم التحقيق يخالف ما ذكره عنه ناظر الجيش هنا فالسهيلي قد بين هناك أن المنصوبين بعد علمت وظننت لم يكونا مفعولين في الحقيقة وإنما هي مبتدأ وخبر يقول السهيلي: وأما نصب علمت وظننت لمفعولين فليس هنا مفعولان في الحقيقة إنما هو المبتدأ والخبر وهو حديث إما معلوم وإما مظنون، فكان حق الاسم الأول أن يرتفع بالابتداء والثاني بالخبر ويلغى الفعل لأنه لا تأثير له في الاسم، وإنما التأثير لعرفت المتعلقة بالاسم المفرد يقينا وتمييزا، ولكنهم أرادوا تشبث علمت بالجملة التي هي الحديث؛ كيلا يتوهم الانقطاع بين المبتدأ وبين ما قبله، لأن الابتداء عامل في الاسم وقاطع له مما قبله. اه.
وقد ذكر هذه المخالفة د/ سيد تقي الدين في تحقيقه للتذييل والتكميل أيضا حيث قال: الذي في نتائج الفكر يخالف ما هنا. اه. التذييل (٢/ ٩٣٦).
وكأن ناظر الجيش هنا تابع لإسناده أبي حيان في هذه المسألة، ولكن قد يكون هذا الرأي للسهيلي في مصنفات أخرى له لم نتوصل نحن إليها وقد بحثت عنه في كتابه الأمالي فلم أجده.

<<  <  ج: ص:  >  >>