للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنهم من فصل فأجاز في «ظننت» وما في معناها، ومنع في «علمت» وما في معناها وهو مذهب الأعلم (١) ومن أخذ بمذهبه.

فأما الأخفش فحجته أن هذه الأفعال قد تجرى مجرى القسم ومفعولاتها تجرى مجرى جواب القسم بدليل أن

العرب تتلقاها [٢/ ١٦٩] بما تتلقى به القسم، فكما لا يبقى القسم دون جواب كذلك لا تستغني هذه الأفعال عن مفعولاتها.

وهذا لا حجة فيه، لأن العرب لا تضمّنها معنى القسم على اللزوم، فماذا يمنع من الحذف إذا لم يضمن معنى القسم؟

وأما الأعلم فحجته أن الكلام مبني على الفائدة، وإذا قلت: «ظننت» كان مفيدا، لأن الإنسان قد يخلو من الظن، وإذا قلت «علمت» كان غير مفيد لأن الإنسان لا يخلو من علم.

وهذا فاسد، لأن الكلام إذا أمكن حمله على ما فيه فائدة كان أولى: فإذا قال قائل: علمت - علمت أنه أراد أن يخبر بأنه وقع منه علم ما لم يكن يعلم إذ حمله على خلاف ذلك غير مفيد.

والصحيح أنه يجوز حذف المفعولين في علمت وظننت وما في معناهما وقد جاء ذلك في كلامهم: حكى سيبويه: أنهم يقولون: من يسمع يخل معناه يقع منه خيلة وقال الله تعالى: أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (٢) أي يعلم وليس في الكتاب خلاء عن مذهب سيبويه.

فأما حذف أحدهما اختصارا: فجائز لكنه قليل ومنه:

١٠٩٤ - ولقد نزلت فلا تظنّي غيره (٣) ... ... البيت

أي فلا تظني غيره كائنا أو واقعا.

وأما حذفه اقتصارا: فلا يجوز أصلا ولا خلاف في منعه بين أحد من النحويين لما يؤدي إليه من بقاء خبر دون مخبر عنه أو في مخبر عنه دون خبر (٤) انتهى. -


(١) سبقت ترجمته.
(٢) سورة النجم: ٣٥.
(٣) تقدم.
(٤) شرح الجمل لابن عصفور (١/ ١٩١) رسالة بجامعة القاهرة، وشرح الجمل لابن عصفور أيضا -

<<  <  ج: ص:  >  >>