للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فجواز هذه المسائل وأشباهها أحق وأولى، فلو خيف اللبس لم ينب إلا الأول، نحو: علم صديقك عدو زيد، فإن معناه علم المعروف بصداقتك أنه عدو زيد، فصداقة المخاطب مستغنية عن الإخبار بها وعداوة زيد مفتقرة إلى الإخبار بها، فلو عكست لا نعكس المعنى، وأكثر مسائل هذا الباب هكذا، ولذا منع الأكثرون نيابة الثاني مطلقا، ويجوز أيضا أن يقال في أعلمت زيدا [٢/ ٢٥٧] كبشك سمينا: أعلم زيدا كبشك سمينا؛ لأن زيدا والكبش مستويان في المفعولية ومباينة الفاعلية، فتساويا في قبول النيابة عن الفاعل على وجه لا يخل بفهم ولا يوقع في وهم (١). انتهى كلامه (٢).

ويتعلق به مباحث:

أحدها:

أن من النحاة من منع إقامة الثاني من باب أعطى وإن أمن اللبس وقال: إنه لا يجوز إلا على القلب (٣) يعني أن يقدر أن الأصل قبل البناء للمفعول: أعطيت درهما زيدا، فيقدر أن الدرهم آخذ وزيدا مأخوذ على القلب، ثم يبني للمفعول فيقال: أعطي درهم زيدا، وعلى هذا التقدير إنما أقمنا الأول لا الثاني، وقال بعض الكوفيين: إنما يجوز إقامة الثاني إذا كان معرفة نحو الدرهم، ولا يجوز إذا كان نكرة (٤)، وكأن المصنف لم يعبأ بهذا الخلاف؛ فلهذا لم يذكره، ويحتمل أنه لم -


- لابن السيد (ص ٢٧٦)، والأمالي الشجرية (١/ ٣٦٧)، والمغني (٢/ ٦٩٩)، وشرح شواهده للسيوطي (٢/ ٩٧٢)، والهمع (١/ ١٦٥)، والدرر (١/ ١٤٤)، والأشموني (٢/ ٧١) وديوانه (ص ١١٠)، والتذييل (٢/ ١٢٣٦)، والأضداد للسجستاني (ص ١٥٢)، وتأويل مشكل القرآن (ص ١٤٩).
والشاهد قوله: «أو بلغت سوآتهم هجر»؛ حيث أعرب الفاعل بإعراب المفعول والمفعول بإعراب الفاعل؛ لأنه يريد وبلغت سوآتهم هجرا.
(١) ينظر: الهمع (١/ ١٦٢)، وشرح ابن عقيل (١/ ١٧٢).
(٢) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ١٢٩).
(٣) ذكر ابن هشام هذا المذهب وغيره في إقامة ثاني مفعولي أعطى فقال: «وأما الثاني ففي باب «كسا» إن ألبس نحو: أعطيت زيدا عمرا، امتنع مطلقا، وإن لم يلبس نحو: أعطيت زيدا درهما، جاز مطلقا، وقيل: يمتنع مطلقا، وقيل: إن لم يعتقد القلب، وقيل: إن كان نكرة والأول معرفة إلخ» اه.
أوضح المسالك (١/ ١٤٦).
(٤) عبارة الشارح هنا لم تكن واضحة؛ حيث إنه لم يبين حالة المفعول الأول الذي سيأتي مع المفعول -

<<  <  ج: ص:  >  >>