للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحدهما بنفسه أبدا وإلى الآخر بوجهين، نحو: اختار وأمر، تقول: كسوت زيدا ثوبا، وأعطيته درهما؛ فلا يحتاج إلى حرف جر، ولا يجوز ذلك أن تأتي به، وتقول: اخترت زيدا قومه، وأمرته الخير، واخترته من قومه وأمرته بالخير. ومأخذ هذا النوع السماع (١) والأصل تقديم المفعول الذي هو فاعل معنى على المفعول الذي ليس كذلك، كزيد من مسألة: أعطيت زيدا درهما؛ فإنه مفعول في اللفظ فاعل في المعنى؛ لكونه آخذ أو متناولا، بخلاف الدرهم؛ فإنه مفعول في اللفظ والمعنى، فأصله أن يتأخر وأصل الآخر أن يقدم (٢)، وكذا الأصل تقديم ما هو يتعدى إليه الفعل بنفسه أبدا، وتأخير ما يتعدى إليه بوجهين؛ لأن علقه ما لا يحتاج إلى واسطة أقوى من علقه ما يحتاج إليها؛ فلذلك يقال: أعطيت درهمه زيدا، واخترت قومه عمرا، ولا يقال: أعطيت صاحبه الدرهم (٣)، ولا: اخترت أحدهم القوم، إلا على قول من قال: ضرب غلامه زيدا (٤)، ومثال: وجوب ترك الأصل:

ما أعطيت درهما إلا زيدا (٥)، وأعطيت الدرهم صاحبه (٦)، وهما نظيرا:

ما ضرب عمرا إلا زيد، وضرب زيدا غلامه، ومثال امتناع ترك الأصل:

ما أعطيت زيدا إلا (٧) درهما، وأضربت زيدا عمرا (٨)؛ بمعنى جعلت زيدا يضرب عمرا، وهذان نظيرا: ما ضرب زيد إلا عمرا، وضرب موسى عيسى، وما خلا من -


(١) ينظر: الكتاب (١/ ٣٧ - ٣٩)، ونتائج الفكر للسهيلي (ص ٣٣٠)، وشرح الجمل لابن عصفور (١/ ٣٠٤، ٣٠٥) طبعة العراق، والمقرب (١/ ١٢١).
(٢) ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص ٩٧)، وشرح الألفية للمرادي (٢/ ٥٥)، والبهجة المرضية (ص ٥٦)، وأوضح المسالك (١/ ١٦٠)، والمطالع السعيدة (ص ٢٧١).
(٣) وذلك لعود الضمير على مؤخر لفظا ورتبة، وينظر: التصريح (١/ ٣١٤).
(٤) في الهمع (١/ ١٦٨): «ومما يفرع على الأصل أيضا امتناع أعطيت مالكه الغلام؛ لعود الضمير على مؤخر لفظا ورتبة؛ لأن المالك هو الآخذ، فهو نظير: ضرب غلامه زيدا، والكوفيون جوزوا ذلك على تقدير تناول الفعل للغلام أولا، فالأول عندهم هو الذي يقدر الفعل آخذا له
قبل صاحبه» اه.
وينظر: التصريح (١/ ٣١٤).
(٥) لأن المفعول الأول محصور بإلّا، فوجب تأخيره.
(٦) وجب ترك الأصل في هذا المثال، فقدم المفعول الثاني على المفعول الأول، ليعود الضمير على متقدم، ينظر: المطالع السعيدة (ص ٢٧١)، والهمع (١/ ١٦٨).
(٧) العلة في وجوب الأصل هنا، حصر المفعول الثاني بإلّا.
(٨) يجب الأصل في هذا المثال؛ لأنه ليس هناك قرينة تبين الفاعل من المفعول.

<<  <  ج: ص:  >  >>