للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١)، وكقوله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٢)، وكقوله تعالى: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣)، ومن ذلك حذفه لكونه مجهولا كقولك: ولدت فلانة؛ إذا عرفت ولادتها وجهلت ما ولدت، ومن ذلك الحذف لكون التعين غير مقصود، وكقوله تعالى: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (٤)، وكقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة» (٥)، ومن ذلك حذفه تعظيما للفاعل، كقوله تعالى: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي (٦) وعكس ذلك: شتم فلان، إذا كان المشتوم عظيما والشاتم حقيرا، وقد يحذف المفعول تخوفا منه كقولك: أبغضت في الله، ولا تذكر المبغض خوفا منه .. انتهى كلام المصنف رحمه الله تعالى (٧)، وقد بين ما أراد بالمخبر عنه، ولم يبيّن ما أراد بالمخبر به؛ ولا شك أنه يريد به الثاني من مفعولي «ظن»، والثالث من مفاعيل «أعلم»، ولا خفاء أن الكلام تقدم على الآخر، ثم في كونه قصد بالمخبر عنه المفعول القائم مقام الفاعل نظر؛ لأن كلامه الآن في المفعول لفظا ومعنى، وهو المنصوب لفظا أو محلّا لا في المفعول معنى فقط على أنه قد عرف أن القائم مقام الفاعل حكمه في وجوب الذكر حكمه، ثم في قوله: إن من أسباب الحذف قصد المبالغة بترك التقييد مناقشة؛ فإننا في نحو: فلان

يعطي ويمنع لن نحذف شيئا؛ ولكن لم يذكر للفعل مفعولا؛ وفرق بين حذف الشيء وعدم ذكره؛ فإن الحاذف يقدر المتعلق فيتقيد الفعل به؛ لأن المقدر في حكم المذكور، أما إذا لم يقصد المتكلم متعلقا؛ بل قصد الإخبار بوقوع الفعل دون نظر إلى متعلق، فلا شك أنه لا يقدر شيئا، وإذا لم يقدر فلا حذف (٨)، ولهذا قال أصحاب علم المعاني: إنه إذا كان الغرض إثبات المعنى في نفسه للفاعل مطلقا، أو نفيه عنه كذلك ينزل المتعدي حينئذ منزلة اللازم؛ فلا يذكر له مفعول ولا يقدر أيضا؛ لأن -


(١) سورة الأعراف: ٣٥.
(٢) سورة يوسف: ٩٠.
(٣) سورة القيامة: ٣١، ٣٢.
(٤) سورة الفرقان: ١٩.
(٥) هذا جزء من حديث شريف أخرجه مسلم في كتاب الصيد، والذبائح (١٥٤٨)، وابن ماجه في كتاب الذبائح (١٠٥٨)، والترمذي في كتاب الديات باب النهي عن المثلة (٤/ ٢٣).
(٦) سورة المجادلة: ٢١. وزاد في (ب): إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ.
(٧) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ١٦٣).
(٨) ينظر: نتائج الفكر (ص ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>