للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإن ظاهره أنه أراد: ولم ينج شيء؛ فحذف لدلالة النفي والاستثناء بعده على منفي عام للمستثنى وغيره، ومن هذا القبيل، نحو: ما قام وقعد إلا زيد، على تأويل: ما قام أحد ولا قعد إلا زيد، فحذف «أحد» لفظا، واكتفى بقصده ودلالة النفي والاستثناء عليه، كما كان ذلك في الآيات الشريفة المذكورة، وفاعل «قعد» ضمير «أحد» المقدر؛ ولذلك لا يثنى، ولا يجمع، ولا يؤنث؛ إن كان ما بعد «إلا» مثنى، أو مجموعا، أو مؤنثا، ولو كان من باب التنازع لزمت مطابقة الضمير في أحد الفعلين (١)، وأيضا لو كان من باب التنازع، لزم في نحو: ما قام وقعد إلا أنا؛ إعادة ضمير غائب على حاضر، ولزم أن يقال على إعمال الثاني:

ما قاموا وقعد إلا نحن، وعلى إعمال الأول: ما قام وقعد إلا نحن، وكان يلزم من ذلك إخلاء الفعل من الإيجاب؛ لأن الفعل المنفي؛ إنما يصير موجبا بمقارنة «إلّا» لمعموله لفظا أو معنى، وعلى تقدير التنازع لم تقارن «إلا» معمول الملغي لفظا ولا معنى؛ فيلزم بقاؤه على النفي، والمقصود خلاف ذلك، فلا يصح الحكم بما أفضى إليه، ويتعين الاعتراف بصحة الوجه الآخر لموافقته نظائر لا يشك في صحتها؛ ومن أظهر الشواهد على صحة الاستعمال المشار إليه، قول الشاعر:

١٣٩٣ - ما جاد رأيا ولا أجدى محاولة ... إلّا امرؤ لم يضع دنيا ولا دينا (٢)

[٢/ ٣٥٥] ومثله:

١٣٩٤ - ما صاد قلبي وأضناه وتيّمه ... إلّا كواعب من ذهل بن شيبانا (٣)

-


- والتذييل (٣/ ١٥٤)، وديوان «الهذليين» (٣/ ٢٢) واللسان «جفن - نجا».
ويروى «والروح منه بشدقه» مكان «والنفس منه بشدقه».
وقد استشهد المصنف بالبيت على أن المحذوف في قوله: «ولم ينج إلا جفن سيف» من باب حذف المنفي العام؛ لوجود قرينة لفظية عليه، والتقدير: ولم ينج شيء.
(١) ينظر: شرح الكافية للرضى (١/ ٧٧، ٧٨).
(٢) البيت من البسيط لقائل مجهول، وهو في: التذييل (٣/ ١٥٣)، وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٥٩٨)، والهمع (٢/ ١١٠)، والدرر (٢/ ١٤٤).
والشاهد فيه: أنه أيضا من باب الحذف العام، والتقدير: ما جاد أحد رأيا، ولا أجدى محاولة.
(٣) البيت من البسيط لقائل مجهول، وهو في التذييل (٣/ ١٥٣)، وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٥٩٩)، وتعليق الفرائد للدماميني (١٤٦٢)، والتصريح (١/ ٣١٩)، والهمع (٢/ ١١٠)، والدرر (٢/ ١٤٤).
والشاهد قوله: «ما صاد قلبي»؛ حيث استشهد به المصنف على أنه من باب الحذف العام، لدلالة القرائن، والتقدير: «ما صاد قلبي شيء».

<<  <  ج: ص:  >  >>