للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سيبويه الذي ذكرناه، ثم قال: وأين المصنف من رجل يقال: إنه ختم عليه كتاب سيبويه بحثا ونظرا نحوا من ستين مرة، ورحل إليه الناس من أقطار الأرض (١)، لم يكن في عصره، بل في أعصار قديمة مثله (٢). انتهى.

وأقول: أما الشلوبين فقد بلغ المصنف في تعظيمه ورفعة شأنه وإجلاله الغاية القصوى، حيث وصفه بالاعتناء بجمع متفرقات الكتاب وتبيين بعضها ببعض، فإن هذا يدل على أنه لم يشاركه في ذلك أحد، ولم يسبقه إليه، هذا وقد تقدمه سادات شرحوا الكتاب، ثم لم يثبت المصنف الذي وصف الشلوبين به لأحد غيره، وأما رده على المصنف بكلام سيبويه، فالمصنف إنما استدل على ما ادعاه بكلام سيبويه أيضا، وقول سيبويه: وليس المنتصب هنا بمنزلة الظروف بعد أن ذكر: قلب زيد الظهر والبطن، ودخلت البيت (٣) صريح في عوده إلى ما تقدم، والقول بعوده إلى مسألة: قلب زيد الظهر والبطن خاصة، دعوى تخالف الظاهر والإنصاف أن يكون لسيبويه في نحو: دخلت البيت قولان، وكما غفل الشلوبين عن أحد النّصّين، غفل المصنف عن النص الآخر، فسبحان من لا تجوز عليه الغفلة!

وبعد، فقد عرفت بطلان مذهب الأخفش في هذه المسألة (٤)، وأما المذهبان الآخران، فالذي يظهر أرجحيته منهما مذهب المصنف، وذلك أن المكان المختص الواقع بعد دخلت، لو كان ينتصب على الظرفية لما جاز تعدي «دخل» إلى ضميره إلا بفي، على القاعدة المعروفة، وهي أنك إذا قلت: سرت يوم الجمعة، ثم قدمت اليوم، وسلطت الفعل على ضميره وجب أن نقول: يوم الجمعة سرت فيه، ولا يجوز: سرته، إلا إن اتسعت في الفعل، وقد عدي دخل إلى ضمير المكان المختصّ دون «في»، قال الله تعالى: وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (٥) وهذا دليل صريح على ما اختاره المصنف.

البحث الثالث:

قال ابن أبي الربيع: لو تعدى الفعل إلى المفعول فيه على حسب ما يطلبه لتعدى -


(١) سبق الحديث عن هذا النزاع بين أبي حيان والمصنف قريبا في هذا الباب.
(٢) التذييل (٣/ ٢٧٨).
(٣) الكتاب (١/ ١٥٩).
(٤) ينظر في بطلان مذهب الأخفش شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٣٢٨، ٣٢٩)، طبعة العراق، وشرح الصفار.
(٥) سورة آل عمران: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>