للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يقابلها إنما يدركان بالنسبة إلى الأجسام، فإذا استعمل اللفظ الدال عليهما في الأمور المعنوية، وجب أن يكون التشبيه بين الرتب، فالرتبة التي لها شرف توصف بالعلو المعنوي، فيطلق عليها ما يطلق على ما يوصف بالعلو الحسي، والمرتبة التي ليس لها شرف توصف بالتسفل المعنوي، فيطلق عليها ما يطلق على ما يوصف بالتسفل الحسي، وإذا كان الأمر كذلك ففوق التي هي في قولنا: «زيد فوق عمرو في الشرف» هي نفس فوق التي هي قولنا: «زيد فوق الجدار»، ففوق اسم مكان في الحالين، وكذا الكلام في دون أيضا، ثم قال ابن عصفور ردف كلامه الأول: ومن ذلك ما حكاه الأخفش من قول العرب: هم هيئتهم (١)، قال: فهيئتهم هنا ظرف مكان؛ لأنها منصوبة على تقدير في أي هم هيئتهم، والهيئة ليست باسم مكان، وإنما حكم لها بحكم اسم المكان لشبهها به من حيث كانت مشتملة على ذي الهيئة كاشتمال المكان على ما يحل فيه، قال: والدليل على أنها جعلت من قبيل ظروف المكان وقوعها خبرا عن الجثة (٢). انتهى.

واعلم أن استعمال هذا النوع ظرف مكان، أعني ما شبه بظرف المكان - موقوف على السماع، كما أن استعمال ما شبه بظرف الزمان ظرف زمان كذلك (٣).

البحث الخامس:

الناصب للظرف هو اللفظ الدال على المعنى الذي وقع في الظرف، وإذا كان كذلك علم أن في قول المصنف: ناصب له بعد قوله: لواقع فيه - تجوزا ثم إن هذا العامل قد يكون مذكورا وقد يكون مقدرا، فالمذكور ظاهر والمقدر قد يكون تقديره جائزا كقولك يوم الجمعة، لمن قال: متى جئت، وقبلي الجامع، لمن قال: أين جلست، إذ يجوز إظهاره، وقد يكون تقديره واجبا يعني أن يؤتى به مقدرا ولا يذكر لفظا (٤)، وهذا هو الذي يعبر عنه النحاة بأنه يحذف

وجوبا، وذلك في أربع مسائل وهي: -


(١) ينظر: الغرة لابن الدهان (٢/ ١٠).
(٢) ينظر: التذييل (٣/ ٢٨١) حيث أورد هذا النص الذي نسبه الشارح هنا إلى ابن عصفور.
(٣) جعل المرادي في شرح الألفية له (٢/ ٩٦) نيابة الأشياء عن ظرف المكان قليلة وكثيرة في ظرف الزمان؛ ولذلك قال: وكثرته تقتضي القياس عليه. اه. ويقصد بذلك ظرف الزمان.
(٤) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٣٣٣) طبعة العراق، والمطالع السعيدة (ص ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>