كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد

الباب الخامس والعشرون باب المفعول المسمى ظرفا ومفعولا فيه - [تقسيمات مختلفة لظرف الزمان وأمثلة لكل] - ج: 4 - ص: 1912

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذلك نظير قولك: عاما أول، فلما استعملت عشية وأخواتها على غير وجوهها كان ذلك خروجا عن القياس، فلزمت الظرفية، قال ابن عمرون: وإنما لم تتصرف هذه الكلمات؛ لأن أصلها أن لا تخص من يوم معين، فلما أريد بها ذلك لزمت طريقة واحدة، ولو لم ترد من يوم بعينه كانت متصرفة، وأما ذا صباح وذات مرة على لغة غير خثعم، فالعلة في عدم تصرفهما أنهما خرجا عن الأصل (١)، وذلك أن أصل صباح أن يستعمل ظرفا بنفسه، فيقال: جئتك صباحا، فقولهم: ذا صباح دليل على أن الصباح استعمل هنا بمعنى الضياء، فقد خرج عن أصله، وكذلك ذات مرة، الأصل أن تقول: جئتك مرة وتكون [٢/ ٤١٠] ظرفا بنفسها، فلما قالوا: ذات مرة، خرجت عن ذلك، وصارت بمنزلة قيس قفة، فكان ذلك تغيرا وخروجا عن الأصل، قال ذلك ابن أبي الربيع.

وقال ابن عمرون: إنما لم تتمكن ذات مرة؛ لأن «ذات» ليست من أسماء الزمان، بل مستعار، فلما خرج عن أصله لزم طريقة واحدة. انتهى.

وهذا الذي ذكره في ذات مرة يقال بعينه في ذا صباح مساء، وقيل: إنما لم تتصرف ذا صباح؛ لأن الأصل: وقتا ذا صباح ولا ذات مرة، لأن الأصل قطعة من الزمان ذات مرة (٢).

وقال ابن عمرون أيضا: واعلم أن ظروف المكان أقوى مضارعة للأسماء، فلذا تمكنت ذات اليمين، وذات الشمال في كلامهم، ولم تتمكن ذات ليلة وأخواتها، قال: وقال الميداني (٣): لقيته ذات يوم، وذات ليلة وذات غدوة وذات مرة، وذات -

---

(١) ذكر السيوطي في الهمع (١/ ١٩٧) أن السهيلي يزعم أن ذات مرة وذات يوم لا تتصرف لا في لغة خثعم ولا غيرها، وأن الذي يتصرف عندهم إنما هو «ذو» فقط، والذي ذكره السهيلي عن هاتين الكلمتين قوله: وكذلك - أي في عدم التصرف - كل ما كان من الظروف نعتا في الأصل نحو: ذا صباح و «ذات مرة»، لا يتمكن ولا يخرج عن الظرف. ا. هـ، نتائج الفكر (ص ٣٧٩).
وقد أبطل أبو حيان ما ذهب إليه السهيلي هنا. ينظر: التذييل (٣/ ٢٩٤).
(٢) ينظر: التذييل (٣/ ٢٩٥).
(٣) هو أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الميداني، أبو الفضل النيسابوري، أديب فاضل عالم نحوي، لغوي، قرأ على أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي، وعلى يعقوب بن أحمد النيسابوري.
من تصانيفه: مجمع الأمثال (مطبوع مشهور في جزأين) - الأنموذج في النحو - الهادي للشادي - وكتاب -