للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إذا لم يعشق أحد فما ذاق بؤس معيشة ولا نعيمها.

وكذا قول الآخر (١): -

١٥٤٧ - وندمان يزيد الكأس طيبا ... سقيت إذا تغوّرت النّجوم (٢)

المعنى: إذا تغورت النجوم سقيت أي: أسقي، فسقيت مستقبل المعنى إلا أن يدعي المصنف أن إذا فارقتها معنى الشرطية في هذه الأبيات، وتجردت للظرفية، فيتم مراده، ويتوجه استدلاله. وأما ما استدل به على وقوع «إذ» موقع «إذا» ففيه للبحث مجال. أما وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى (٣) وأن «إذ» بدل من يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ (٤) فهذا متوقف على أن هذا القول الشريف لم يكن في الدنيا، وإنما يكون يوم القيامة، وعلى أن العامل فيه هو العامل في يَوْمَ يَجْمَعُ، وإذا تعين هذان الأمران يجاب حينئذ بالجواب المشهور عن ما هو نظير هذه الآية الشريفة، وهو أن المستقبل المحقق الوقوع يعبر عنه بما يعبر عن الواقع الذي قد مضى؛ لأن الإخبار عن الأمر العظيم بأنه قد وقع أبلغ من الإخبار عنه بأنه سيقع، وبتقدير أن لا يكون قد عبر عن المستقبل المحقق الوقوع بالماضي يمكن أن يجاب بأن يَوْمَ يَجْمَعُ لما ذكر، ومضى ذكره، صار في حكم شيء استقر [٢/ ٤٢٩] مضيه تنزيلا للماضي الذكر منزلة الماضي الوقوع، وهذا التقرير نظير ما قاله الزمخشري في قوله تعالى: الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ (٥) إن ذلك كيف أشير به إلى ما ليس ببعيد، وأجاب بأنه لما وقعت الإشارة إلى الم بعد ما سبق التكلم به وتقضى، والمقتضى في حكم المتباعد، جاز ذلك (٦). وبهذا الجواب يجاب عن استدلاله بقوله تعالى: يَوْمَئِذٍ (٧) بعد -


(١) هو البرج بن مسهر من شعراء طيء وأحد المعمرين.
(٢) البيت من الوافر، وهو في: التذييل (٣/ ٣٣٥)، والبحر المحيط (٣/ ٣١، ١١٩)، ومجاز القرآن لأبي عبيدة (١/ ٢١)، والمغني (١/ ٩٥)، وشرح شواهده (١/ ٢٨٠)، وشذور الذهب (ص ٥٣٨)، وديوان الحماسة (٢/ ٨٦)، اللسان «عرق».
اللغة: الندمان: النديم. تغورت: غابت.
والشاهد فيه: وقوع «إذا» بعد الماضي، وهذا يوهم بوقوع «إذا» موقع «إذ» وأوله بعضهم على أن الماضي مصروف إلى الاستقبال، وهذا ما قال به ناظر الجيش هنا.
(٣) سورة المائدة: ١١٠.
(٤) سورة المائدة: ١٠٩.
(٥) سورة البقرة: ١، ٢.
(٦) الكشاف (١/ ١٢).
(٧) سورة الزلزلة: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>