للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو فعل الشرط لزمكم في نحو: إذا جئتني غدا أجيئك بعد غد، أن يكون جئتني قد عمل في إذا، مع كونه عاملا في غد، وعامل واحد لا يعمل في ظرفي زمان بغير عطف، وهو سؤال متجه، وقد أجيب عن ذلك: بأن العامل الواحد يجوز أن يعمل في ظرفي زمان إذا كان أحدهما أعم من الآخر نحو: آتيك يوم الجمعة سحر، قالوا: وليس سحر في هذا التركيب بدلا، لجواز سير عليه يوم الجمعة سحر، برفع الأول ونصب الثاني، نص على ذلك سيبويه، وأنشد للفرزدق: -

١٥٥٠ - متى تردن يوما سفار تجد بها ... أديهم يرمي المستجيز المعوّرا (١)

ولا يجوز أن يكون يوما في البيت بدلا من «متى» لأنه لو كان بدلا كان مقترنا بحرف الشرط، وذلك لا يجوز في «غدا» من قولك: إذا جئتني غدا، في المثال المتقدم أن يكون بدلا من إذا (٢)، لهذه العلة التي ذكرناها، وقد تعقب على الشيخ كونه حكم على قوله تعالى: ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا (٣) بأنه جواب (٤) - بأن قيل: ليس هذا بجواب، إذ لو كان جوابا لكان مقترنا بالفاء، وإنما الجواب محذوف، التقدير: وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات عمدوا إلى الحجج الباطلة (٥).

واعلم أن الموجب لدعوى الجمهور بأن «إذا» معمولة للجواب لا للشرط - أنهم حكموا بإضافتها إلى الجملة الشرطية، وذلك أنها كلمة مبنية، وعلة بنائها شبهها بالحرف في الافتقار إلى الجملة، فكانت إضافتها إلى الجملة لازمة، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف، وإذا امتنع عمل فعل الشرط، تعين أن يكون العامل ما في الجواب من فعل أو ما يشبه الفعل (٦)، وبهذا التقرير لا يتم تنظير الشيخ «إذا» «بمتى» لأن متى غير مضافة، إذ لا داعي يدعو إلى القول بإضافتها، لأن بناءها -


(١) البيت من الطويل، وهو في: المقتضب (٣/ ٥٠)، والمغني (١/ ٩٧)، وشرح شواهده (١/ ٢٨٥)، وشذور الذهب (ص ١٣٣)، وديوان الفرزدق (ص ٣٥٥) وليس البيت في كتاب سيبويه كما ذكر الشارح. وفي رأيي أن الشارح نقل هذا النص عن ابن هشام دون أن يتحرى الدقة فيما نسبه إلى سيبويه من أنه أورد هذا البيت وأنشده.
(٢) ينظر: مغنى اللبيب (١/ ٩٦، ٩٧).
(٣) سورة الجاثية: ٢٥.
(٤) ينظر: التذييل (٣/ ٣٢٨).
(٥) ينظر: المغني (١/ ٩٨) وقد يكون ابن هشام هو المقصود بقول الشارح هذا، وقد تعقب على الشيخ؛ لأن ابن هشام هو الذي عقب على كلام أبي حيان في المغني.
(٦) ينظر: الهمع (١/ ٢٠٦، ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>