للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وليهما مفرد مجرور كانا حرفين جارين لما بعدهما يتعلقان بالعامل قبلهما كسائر حروف الجر، ودل قوله: (وقد يجران الوقت أو ما يستفهم به) «عنه» أن الجر بهما أقل من وقوع المرفوع بعدهما، وأن الذي بعدهما لا يكون إلا ظرفا؛ لأن الذي يستفهم به عن الوقت لا بد أن يكون وقتا، وإذ قد عرف هذا فأنا أذكر كلام غير المصنف على هاتين الكلمتين.

قال ابن عصفور رحمه الله تعالى: «مذ ومنذ يكونان اسمين وحرفين، فيكونان اسمين إذا ارتفع ما بعدهما وحرفين إذا انخفض ما بعدهما، إلا أن الغالب على «مذ» الاسمية، وعلى «منذ» الحرفية، وسبب ذلك أنها مخففة من منذ، والحذف في الأسماء أكثر منه في الحروف؛ لأنه تصرف وبابه أن يكون في الأسماء (١)، وزعم بعض النحويين أن مذ ومنذ لا يكونان إلا اسمين مستدلّا على ذلك بأن الاسمية قد ثبتت لهما إذا كان ما بعدهما مرفوعا، ويمكن بقاء الاسمية إذا كان مخفوضا بأن يكونا ظرفين في موضع نصب بالفعل (٢)، وهو ضعيف. ومذ ومنذ إما أن يدخلا على الماضي أو على الحال، فإن دخلتا على الحال فلا يكون إلا مخفوضا، والحال هو اليوم والليلة والآن والحين والساعة وما أضفته إلى نفسك قرب أو بعد مثل: يومنا وشهرنا وعامنا، وكل زمان أشرت إليه نحو: هذا العام وهذا الشهر وهذه الأيام الثلاثة؛ لأنك لم تشر إلى شيء إلا وقد قدرته حاضرا، ولم تضفه إلى نفسك إلا على هذا المعنى، ومعناهما إذا دخلتا على الحال الغاية، وإن دخلتا على الماضي فإما أن يكون الداخل «مذ» أو «منذ»، فإن كان «مذ» فلا يكون إلا مرفوعا مثل: ما رأيته مذ يوم الجمعة، ولا يجوز الخفض إلا قليلا ومنه: -

١٥٥٥ - أقوين مذ حجج ومذ دهر (٣)

في رواية من رواه مذ، فإن كان الداخل منذ جاز الرفع والخفض، والرفع قليل، -


(١) شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٣٧، ٣٨).
(٢) من القائلين بهذا ابن الضائع في شرح الجمل له.
(٣) عجز بيت لزهير وصدره: -
لمن الديار بقنّة الحجر
والبيت من قصيدة له من الكامل يمدح بها هرم بن سنان، وهو في جمل الزجاجي (ص ١٥٠)، وإصلاح الخلل (ص ٢٣٣)، والإنصاف (١/ ٣٧١)، وابن يعيش (٤/ ٩٣)، (٨/ ١١)، والخزانة -

<<  <  ج: ص:  >  >>