للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واتفقوا (١) على أن أصل سف وسو وسي: سوف، وزعموا أن السين أصل برأسها غير مفرعة على سوف؛ لكنها منها كنون التوكيد الخفيفة من نون الثقيلة، وقد رد المصنف ذلك، ثم ناقشه الشيخ في بعض الرد (٢) بما يحتمل الدفع. وليس في ذلك كبير فائدة فأضربت عنه (٣).

وأقرب ما قال المصنف: «إنّا قد أجمعنا على أنّ سف وسو وسي فروع سوف، فلتكن السين أيضا فرعها؛ لأنّ التخصيص دون مخصص أيضا مردود».

وقال المصنف: «قال بعضهم: لو كانت السين بعض سوف لكانت مدّة التسويف بهما سواء وليس كذلك؛ بل هي بسوف أطول؛ فكانت كل واحدة منهما أصلا برأسها».

ثم قال: قلت: هذه دعوى مردودة بالقياس والسماع:

فالقياس: أن الماضي والمستقبل متقابلان، والماضي لا يقصد به إلا مطلق المضي دون تعرض لقرب الزمان وبعده فينبغي ألا يقصد بالمستقبل إلا مطلق الاستقبال دون تعرض لقرب الزمان وبعده؛ ليجري المتقابلان على سنن واحد، والقول بتوافق سيفعل وسوف يفعل مصحح؛ فكان المصير إليه أولى.

وأما السماع: فتعاقب سيفعل وسوف يفعل على المعنى الواحد الواقع في وقت واحد؛ قال الله تعالى: وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (٤). وقال -


- سوف كما تقطع كي من كيف. والبيت في التذييل والتكميل (١/ ٩٣) ومعجم الشواهد (ص ٢٠٢).
(١) هم البصريون كما سنبين في التحقيق بعد.
(٢) انظر التذييل والتكميل (١/ ٩٢) وما بعدها، وشرح التسهيل (١/ ٢٦، ٢٧).
(٣) انظر المسألة بتمامها في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف (٢/ ٦٤٦) (مطبعة السعادة سنة ١٩٥٥ - المكتبة التجارية) وملخصها:
«أن الكوفيين - ومعهم ابن مالك - ذهبوا إلى أن السين التي تدخل على الفعل المستقبل نحو سأفعل أصلها سوف، واحتجوا بأن الحذف كثير في استعمالهم نحو: لم يك، كما أنهم يحذفون الفاء وحدها من سوف، والجميع يراد به الاستقبال.
وذهب البصريون: إلى أن السين أصل برأسها؛ لأن الأصل في كل حرف يدل على معنى ألا يدخله الحذف، والسين حرف يدل على معنى».
ورجح صاحب الإنصاف رأي البصريين ورد حجج الكوفيين.
(٤) سورة النساء: ١٤٦، وتمامها: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ ... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>