للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم إنك قد عرفت أن المصنف جعل حيث في قول الشاعر:

١٦٢٤ - إذا ريدة من حيث ما نفخت له (١)

مضافة إلى جملة مقدرة، التقدير: إذا ريدة نفخت من حيث ما هب.

فقال الشيخ: يحتمل أن تكون «حيث» مضافة إلى الجملة التي بعدها وهي:

نفخت له، و «ريدة» مرتفعة بفعل محذوف يفسره المعنى، التقدير: إذا نفخت ريدة (٢) ... انتهى.

قلت: وصحة التخريجين دون الآخر متوقفة على المعنى المراد من البيت؛ فإن كان المعنى المراد منه يعطيه تخريج الشيخ وجب الوقوف عنده، وإلا فيتعين تخريج المصنف، [٣/ ٣] والذي يظهر أن المصنف لم يتعسف التخريج الذي ذكره إلا لأنه رأى أنه معنى البيت، والله سبحانه أعلم.

ومما يتعين ذكره هنا أن الفارسي أجاز وقوع حيث مفعولا بها (٣)، وجعل من ذلك قوله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (٤)؛ لأن المعنى أن الله تعالى يعلم المكان المستحق لوضع الرسالة فيه، وليس المراد أنه تعالى يعلم شيئا في المكان، قال: وناصبها يعلم محذوفا مدلولا عليه بأعلم، لا «أعلم» نفسه لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به (٥) .. انتهى.

ومن الناس من يؤول «أعلم» بعالم، فقد ينسب العمل إليه بهذا الطريق، ولا يحتاج إلى تقدير عامل غيره (٦).

البحث السابع:

قال ابن عصفور: إنما لم تتصرف «عند» لأنها شديدة التوغل في الإبهام؛ إذ -


(١) تقدم ذكره.
(٢) التذييل (٣/ ٤١٥).
(٣) يرى أبو البقاء العكبري أن (حيث) في قوله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ وقعت مفعولا به، وهو بذلك يتفق مع ما قاله الفارسي في الآية نفسها. ينظر: إملاء ما من به الرحمن (١/ ٢٦٠)، وبقولهما أيضا قال ابن هشام في أوضح المسالك (١/ ١٧٧).
(٤) سورة الأنعام: ١٢٤، وفي (أ) (رسالاته) مكان (رسالته) وهو خطأ.
(٥) ينظر: المغني (١/ ١٣١، ١٣٢)، والهمع (١/ ٢١٢، ٢١٣).
(٦) ينظر: المغني (١/ ١٣٢)، والهمع (١/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>