للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يعني نفسه وكان مأسورا فأخبر أن نهاره مقيد وليله مسجون مبالغة ومجازا، ويضاف المصدر إلى الظرف المتوسع فيه على الوجهين، فإضافته إليه على تقدير كونه فاعلا، كقوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا (١) كان الأصل:

ليلكم ونهاركم ماكران، ثم أضيف المصدر إلى المخبر عنه بمعناه مجازا كما يضاف إلى المخبر عنه بمعناه حقيقة، وإضافته إليه على تقديره مفعولا به كقوله تعالى:

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (٢) أي إمضاء أربعة أشهر، وكما أضيف إليه المصدر على تأويل الفاعلية وعلى تأويل المفعولية أضيفت إليه الصفة بلفظ اسم الفاعل ولفظ اسم المفعول، فمن الأول:

١٦٢٩ - يا سارق اللّيلة أهل الدّار (٣)

ومن الثاني: يا مسروق الليلة أهل الدار، ذكرهما سيبويه، وإذا ثبت أن من كلامهم: التوسع بجعل الظرف المتوسع فاعلا ومفعولا به ومضافا إليه على معنى الفاعلية والمفعولية لزم من ذلك جواز الحكم عليه في حال النصب بأنه مفعول به تجوزا ما لم يمنع من ذلك مانع، وتظهر فائدة ذلك في إضماره مستغنيا عن لفظ «في» فإن الظرف أصله أن يكون مقرونا بلفظها، فاستغني عن لفظها بمعناها مع الظاهر ولزم [٢/ ٤٧٣] الرجوع إلى الأصل مع الضمير؛ لأن الإضمار يرد الشيء إلى أصله، ولذلك لزم من يقول: لد زيد، أن يقول: من لدنه يرد النون، ولزم من يقول: لم تك صديقا، أن يقول: أما الصديق فإن لم تكنه فمن يكنه؟ فيرد النون أيضا، ولزم من يقول: قعدت جبنا:

الجبن قعدت له فيرد اللام، ولا يستغنى مع المضمر بمعناها كما استغني مع الظاهر ولزم من يقول: المال لزيد بكسر اللام أن -


- والشاهد فيه: قوله: (أما النهار ... والليل) حيث توسع فيهما فوضعا موضع الموقع به الفعل؛ لأن المقيد والمحبوس هو الشخص وليس الليل والنهار.
(١) سورة سبأ: ٣٣.
(٢) سورة البقرة: ٢٢٦.
(٣) رجز لم يعلم قائله وهو في: الكتاب (١/ ١٧٥، ١٩٣)، ومعاني القرآن للفراء (٢/ ٨٠)، والمحتسب (١/ ١٨٣)، (٢/ ٢٩٥)، وأمالي الشجري (٢/ ٢٥٠)، وابن يعيش (٣/ ٤٥، ٤٦)، والتذييل (٣/ ٤٣٣)، وابن القواس (٣٤٣)، والخزانة (١/ ٤٨٥)، (٢/ ١٧٢، ١٧٩)، وشرح السيرافي (٢/ ٧٧٨)، والأصول لابن السراج (١/ ٢٣٥)، (٢/ ٢٦٦)، وشرح المفصل لابن الحاجب (٢٤٩)، والحجة للفارسي (١/ ١٤)، والهمع (١/ ٢٠٣)، والدرر (١/ ١٧٢). -

<<  <  ج: ص:  >  >>