للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سرت والطريق، ولما كان مشاركا لما قبله في حكمه ولكنه أعرض عن الدلالة على المشاركة وقصد إلى مجرد الدلالة على المصاحبة نحو: جئت وزيدا (١)، هذا كلام الإمام بدر الدين.

ومقتضاه أن نحو: أشركت زيدا وعمرا ومزجت العسل والماء ليس القصد فيه إلى الدلالة على المصاحبة، بل القصد فيه إلى تشريك الثاني مع الأول في حكمه (٢)، وهذا خلاف ما ذكره المصنف وما قاله الإمام بدر الدين الظاهر [٢/ ٤٨٢] أنه الصواب؛ لأن الواو التي بمعنى مع حقها أن يفاد بها ما يفاد بمع، و «مع» لا دلالة لها على المشاركة، بل إنما جيء بها لقصد الدلالة على المصاحبة، فإذا قلت: جئت مع عمرو، أفاد هذا الكلام الإخبار عن مدلول التاء بالمجيء مصاحبا لعمرو، وإن كان عمرو قد جاء أيضا، لكن ليس مقصود المتكلم الإخبار بمجيئه، وهكذا يجب أن يكون الحكم مع الواو إذا قلت: جئت وزيدا، ويعضد ذلك أيضا: أنه إذا جيء بخبر بعد المفعول معه جيء به مطابقا للاسم المذكور قبل الواو لا للاسمين (٣)، قال الشاعر يصف رجلا مات معانق امرأة لقيها بعد فراق:

١٦٣٦ - فكان وإيّاها كحرّان لم يفق ... عن الماء إذ لاقاه حتّى تقدّدا (٤)

وكذا إذا جيء بحال أيضا إنما يطابق ما قبل الواو فنقول: جاء البرد والطيالسة قويّا كما تقول: كان زيد وعمرو قائما، ولكن إنما يشكل على بدر الدين أنه مثل لما يختار فيه العطف بقول القائل: كنت أنا وزيد كالأخوين ثم قال: ويجوز نصبه -


(١) شرح الألفية لابن الناظم (ص ١١٠).
(٢) أي أن ما بعد الواو في مثل هذا المثال مفعول به وليس مفعولا معه.
ينظر: حاشية الصبان (٢/ ١٣٤)، وقد علل الصبان لذلك فقال: لأن المعية في مثله مستفادة مما قبل الواو، لا منها فإنها لمجرد العطف. اه.
(٣) ينظر: الهمع (١/ ٢٢٢).
(٤) البيت من الطويل وهو لكعب بن جميل، وهو في: الكتاب (١/ ٢٩٨)، والتذييل (٣/ ٤٤٦، ٤٥٠، ٤٥١، ٤٥٣)، والغرة لابن الدهان (٢/ ٧٦)، وابن القواس (ص ٤٥٨)، وشرح الجمل لابن العريف (ص ١٣٧)، والحلل في شرح أبيات الجمل (ص ٣٦٦).
والشاهد فيه: نصب كان الناقصة المفعول معه وهو «إياها» وخبرها «كحران» وقد جاء الخبر مطابقا لما قبل الواو، وأول المانعون ذلك على أن (كان) تامة (وكحران) حال وليس خبرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>