للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فنصب «العيون» بفعل دل عليه «زججن» تقديره: وكحلن العيون؛ فلو دعت ضرورة إلى التقديم لم يختلف التقدير، فكذلك أصل:

١٦٤٦ - ولا ألقّبه والسوأة اللّقبا (١)

ولا ألقبه اللقب وأسوؤه السوأة فحذف أسوؤه لدلالة ألقبه عليه ثم قدم مضطرّا وبقي التقدير على ما كان عليه (٢). انتهى.

وهو كلام حسن غير أن قوله في الوجه الأول وجهين، فالجواب عن الشبهة الأولى أن العاطفة أقوى وأوسع مجالا فجعل لها مزية، لا يحسن ردّا على ابن جني؛ لأن واو «مع» عنده ليست غير العاطفة. فإذا ثبت للعاطفة حكم وجب ثبوته لها وهي للمعية، وقد قدمت العاطفة في الضرورة فليجز تقديم واو المعية للضرورة.

وأما الجواب عن الوجه الثاني فغايته أنها معدية ما قبلها إلى ما بعدها، بمعنى أن العامل يصل بسببها إلى ما بعدها،

ولا شك أن واو العطف كذلك؛ لأن الأصح من المذاهب أن العامل في المعطوف هو العامل في المعطوف عليه بوساطة حرف العطف، وليست واو «مع» في التعدية كالهمزة؛ لأن الهمزة ما عدت الفعل التي هي فيه، بل صار الفعل بسببها متعديا، والهمزة صارت من جملة حروف الفعل، فحكمها حكم أحد أجزائه، وجزء الكلمة لا يتقدم عليها، وأما الواو فهي معدية ومنفصلة عن الفعل الذي عدته وليست جزءا منه والفارق يمنع القياس، وأما الجواب الذي ذكره في البيتين فظاهر، لكن قد يقال في الجواب عن:

ولا ألقّبه والسوأة اللّقبا

لا يلزم من جواز تقديم المعطوف على المعطوف عليه إذا كان عاملهما واحدا جواز ذلك إذا كان لكل منهما عامل.


- والتصريح (١/ ٢٤٦)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ١١١)، والهمع (١/ ١٢٢)، والمطالع السعيدة (٣٣٧)، وحاشية يس (١/ ٤٣٢)، واللسان (زجج).
والشاهد فيه: نصب «العيون» بفعل محذوف تقديره: وكحلن العيونا، ويذهب بعضهم إلى تضمين زججن معنى زيّنّ حتى يسوغ له نصب الاسمين، وقد ذهب العلماء إلى هذين التقديرين، لأن العطف ممتنع لانتفاء المشاركة والنصب على المعية ممتنع لانتفاء فائدة الإعلام بها.
(١) تقدم ذكره.
(٢) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>