للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غلطوا الزجاجي في ادعائه وجوب النصب في استوى الماء والخشبة وقالوا: إن لم يصح العطف حقيقة فإنه يصح مجازا (١)، ولا شك أن هذا القول هو جار على مقتضى ما يقال: إن أصل المفعول معه العطف، وإن الواو هي العاطفة في الأصل وقد عرفت أنه قول الأكثرين، وأما نحو: لا تنه عن القبيح وإتيانه فقد يقول أعني ابن عصفور: إن العطف في هذا ممتنع لأن تشريك ما بعد الواو لما قبلها في الحكم [٢/ ٥٠٧] لا يجوز أن يكون مرادا هنا والمعية مرادة قطعا، وحينئذ يكون النصب متعينا بنفسه والعطف ممتنع من أصله لفساد المعنى إذا عطف، وإذا كان العطف غير متصور فهو منتف من الأصل، فليس النصب في مثل هذا إلا لأن الكلام لا يتصور فيه غير المعية، وإذا كان كذلك فلا نذكر هذه المسألة مع مسائل هذا الباب؛ لأنها إنما يقال فيها: يجب العطف أو يرجح أو يجب النصب أو يرجح، ألا وقد تصورنا صحة كل من العطف والمعية في تلك المسألة لكن منع من أحد الأمرين مانع أو جعله مرجوحا.

وأما رجحان العطف فله سببان أيضا معنوي ولفظي كما تقدم:

فالمعنوي هو انتفاء التكلف، وضابطه أن الكلام لا يكون فيه مانع من العطف من جهة اللفظ، ولا يحتاج فيه إلى تقدير فيه تكلف؛ لأنه إذا احتيج في العطف إلى ما فيه تكلف يكون النصب على المعية هو الراجح حينئذ، فيكون العطف مرجوحا لا محالة، واللفظي هو انتفاء الموهن أي المضعف للعطف، وضابطه أن يكون ثم ما لا يضعف العطف عليه، ثم قد لا يوجد عامل لفظا يصح توجهه إلى نصب المفعول معه، فيحتاج في النصب على المعية إلى تقدير عامل نحو: ما لزيد وأخيك، وما أنت والسير، وكيف أنت وقصعة، و:

١٦٦٣ - أزمان قومي والجماعة (٢)

و «أنا وإياه في لحاف»، وقد يوجد عامل نحو: جئت أنا وزيد، هذا عند المصنف. وأما عند ابن عصفور، فإنما ترجح العطف عنده في الأول أعني الذي لم -


(١) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٣٦٧)، والتذييل (٣/ ٤٥٣)، وقد سبق فصل القول في هذه المسألة.
(٢) تقدم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>