للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بعد أن ذكر العطف والنصب على المعية قال: إنما يجوز الأمران إن كان الفعل لائقا بتالي الواو، فإن لم يكن الفعل لائقا امتنع النصب على جهة العطف وحينئذ فإن حسن مع موضع الواو جاز أن يكون النصب على المعية وعلى أن يكون العامل فعلا لائقا مقدرا بعد الواو ويصير الكلام إذ ذاك جملتين، وإن لم يحسن مع موضع الواو تعين أن يكون النصب بفعل مقدر.

قال المصنف: إن كان الفعل الذي قبل الواو غير صالح للعمل فيما بعدها، وحسن في موضعها «مع» جاز فيما بعدها أن يجعل مفعولا معه وأن ينصب بفعل صالح للعمل فيه، ومثاله قوله تعالى: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ (١) فلا يجوز أن يجعل «شركاءكم» معطوفا؛ لأن «أجمع» لا ينصب الأمر والكيد ونحوهما ولك أن تجعل «شركاءكم» مفعولا معه، وأن تجعله مفعولا بـ «أجمعوا» مقدرا كأنه قيل:

فأجمعوا أمركم وأجمعوا شركاءكم، ومثله: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ (٢) فلك أن تجعل «الإيمان» مفعولا معه، ولك أن تنصبه باعتقدوا مقدرا (٣)، فإن كان الفعل غير صالح للعمل فيما بعد الواو ولم تصلح «مع» في موضعها تعين إضمار فعل صالح للعمل، فمن ذلك قول الشاعر:

١٦٦٥ - إذا ما الغانيات برزن يوما ... وزجّجن الحواجب والعيونا (٤)

فنصب العيون بكحلن مقدرا، ولا يجوز غير ذلك؛ لأن زججن غير صالح للعمل في العيون، وموضع الواو غير صالح لـ «مع» (٥). انتهى.

وتجويزهم النصب على المعية فيما لا يكون الفعل فيه لائقا بتالي الواو - دليل على أن الواو في هذا الباب ليس أصلها العطف، وقد أورد ابن عصفور على نفسه قوله -


(١) سورة يونس: ٧١.
(٢) سورة الحشر: ٩.
(٣) لمراجعة هذه المسألة ينظر: المقرب (١/ ١٥٨، ١٥٩)، وشرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٣٦٥، ٣٦٦)، وشرح الكافية للرضي (١/ ١٩٨)، وشرح الألفية للمرادي (٢/ ١٠١)، وإملاء ما من به الرحمن (٢/ ٣١)، وابن عقيل (١/ ٢٠٢)، والإيضاح للفارسي (ص ١٩٤، ١٩٥).
(٤) تقدم ذكره.
(٥) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ٢٦١، ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>