للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المبحث الثالث:

قال الشيخ: قدّم المصنف ذكر نوعي الاستثناء - المتّصل والمنفصل - وذكر أن الإخراج يكون بـ (إلا)، وما بمعناها ولا يستوي في الأدوات التي بمعنى (إلا) الاستثناءان، فإنّ الأفعال لا يستثنى بها المنفصل، كـ (خلا) وأختيها (١)، فكان ينبغي أن يبين ذلك، إذ ظاهر كلامه التسوية (٢) انتهى.

وليس هذا موضع تبيين ما يختصّ بالمتصل، وبالمنقطع من الأدوات حتّى ينبغي له ذلك، وليس أيضا في كلامه ما يقتضي عموم إدخال كلّ الأدوات في الاستثناءين، فيلزم من كلامه التسوية المشار إليها.

المبحث الرابع:

اختلف النحاة، في أنّ المستثنى - في الاستثناء المتصل - يخرج من ماذا؟ فذهب الكسائيّ إلى أنه يخرج من المستثنى منه، أي: المحكوم عليه فقط (٣)؛ فـ (زيد) من نحو: جاء القوم إلّا زيدا، مسكوت عنه بالنسبة إلى المجيء وعدمه، إن لم يحكم عليه بشيء، غير أنه أخرج من القوم المحكوم عليهم بالحكم المتقدم واستدلّ الكسائيّ بقوله تعالى: فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى (٤) وأجيب عن ذلك بأنّه جاء تأكيدا (٥) فقيل: إنّ المعاني المستفادة من الحروف لا تؤكد، فلا يقال: ما قام زيد نفيا، فيؤكد معنى (ما)؛ لأنّ الحرف وضع للاختصار، والتأكيد مبني على الإطالة، فلا يجمع بينهما، والجواب الحقّ أنّ أَبى أفاد معنى زائدا، وهو أنّ معنى السجود والمفهوم من الاستثناء ناشئ عن الإباء، لا عن غيره (٦) وكذا قوله -


(١) عدا وحاشا.
(٢) ينظر التذييل والتكميل (٣/ ٤٩٨) وفي هذا النقل تصرف.
(٣) في المساعد لابن عقيل (١/ ٥٤٨): «وذهب الكسائي إلى أنه مخرج من الاسم، وهو مسكوت عنه، لم يحكم عليه بشيء، فإذا قلت: قام القوم إلا زيدا، فيحتمل أن (زيد) قام وأنه لم يقم. اه.
(٤) سورة طه: ١١٦.
(٥) وجاء كذلك من قوله تعالى: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ [الحجر: ٣٠، ٣١].
(٦) يعني أن عدم سجود إبليس كان إباء، و (إلا) لا تعطي إلا عدم السجود فعلا، أما أنه إباء فلا تفيد (إلا) ذلك، فلذلك ذكرت هذه الجملة أَبى ينظر: الاستغناء في أحكام الاستثناء (ص ٢٧٣، ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>