للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

البؤس، ثم استثنيت من البؤس كونه شيئا وما عرض له عارض، ثم استثنيت من العارض النقض، وما أفاد شيئا إلا ضرّا ولا تعامله بشيء إلّا مشاركة، وكأن السامع توهّم مجيء غير الصالحين فأزلت توهّمه بالاستثناء وكأنك عرفت علم السّامع، بمرافقة زيد لعمرو وقدّرت أنّه توهّم أنّك اقتصرت على زيد، اتكالا على علم السّامع بمرافقتهما، فأزلت توهّمه بالاستثناء (١) وكأنك قلت: ما يليق خبثه بأحد إلا أباه.

ثم قال المصنف: وسبيلك هذا السّبيل، فيما يرد من أمثال هذا البحث (٢).

المبحث التاسع:

قسّم النحاة الاستثناء المنقطع قسمين: قسم يتصوّر فيه الاتصال على جهة المجاز وقسم لا يتصوّر فيه الاتصال بحال، وبنوا عليهما اللّغة الحجازية واللّغة التّميميّة (٣).

كما سيأتي في موضعه، فمثال ما لا يتصوّر فيه الاتصال بحال قوله تعالى: وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٤) فـ ابْتِغاءَ وَجْهِ ليس من جنس جزاء النّعمة، وجعلوا منه قوله تعالى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ (٥) قالوا: فالمرحوم ليس من جنس العاصم وكذا قوله تعالى: ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ (٦) ومثال ما يتصوّر فيه الاتصال على جهة المجاز: ما في الدّار أحد إلا حمارا، قالوا: ووجه المجاز في ذلك أحد أمرين: إما أن يقام الثاني مقام الأول لكون المحلّ للأوّل فلمّا وجد فيه [٣/ ٣٠] الثاني، جعل كأنّه الأول لحلوله محلّه فيجعل الحمار كأنّه (أحد)، لقيامه مقام الأحد، وذلك أنّ الدار إنّما يتخذها من يعقل من الآدميّين، فلما لم يوجد فيها إلا ما لا يعقل عومل معاملته، لقيامه مقامه، وأما أن يكون أطلق الأول على مسماه، وعلى ما يلابس مسماه، فكأنّه قال: ما في الدّار أحد، ولا ما لابسه، فأراد بالأحد الأحد، وما يلابسه، -


(١) ينظر: الاستغناء في أحكام الاستثناء (ص ٤٥٢، ٤٥٣، ٤٥٦، ٥١٤، ٥١٦، ٥٢٣).
(٢) ينظر: شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٢٦٧).
(٣) ينظر: شرح الأشموني (٢/ ١٤٦، ١٤٧).
(٤) سورة الليل: ١٩، ٢٠.
(٥) سورة هود: ٤٣.
(٦) سورة النساء: ١٥٧.
أي ينصب اتباع وتميم ترجحه وتجيز اتباع، ويقرؤون: إلا اتباع الظن بالرفع على أنه بدل من العلم باعتبار الموضع، ولا يجوز أن يقرأ بالخفض على الإبدال منه باعتبار اللفظ لأنه معرفة موجبة و (من) الزائدة لا تعمل فيها. ينظر: شرح التصريح على التوضيح (٢/ ٣٥٣)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>