للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويفرّغ العامل، لما بعد (إلا) نحو: ما جاءني إلا زيد (١)، وما لاقيت إلا عمرا، وما مررت إلا بعمرو، فيعرب ما بعد (إلا) بما كان يعرب به دونها؛ لأنه صار خلفا عن المستثنى منه حين ترك، وفرغ عامله لما بعد (إلا).

وإنما شرط تفريغ العامل للمستثنى - مع ترك المستثنى منه - احترازا من أن يترك، ولا يحصل تفريغ، نحو: ما قام إلا زيدا إلا عمرا، وما قام زيد إلا عمرا [٣/ ٣١] فإنّ الأصل في المثال الثاني: ما قام زيد، ولا غيره، وعمرا، مستثنى منصوب من غيره المحذوف.

وأمّا المثال الأول فقال المصنف: أصله ما قام أحد إلا زيدا إلا عمرا، فإن أراد أنّ (أحد) فاعل، و (إلّا زيد) بدل منه؛ فغير واضح (٢)، وإن أراد أنّ (قام) وإن فرّغ (زيد)، لكنّه لم يفرّغ لـ (عمرو)، فواضح (٣)، ويصدق حينئذ على المثال المذكور أنّ المستثنى منه ترك فيه ولم يفرغ العامل بالنسبة إلى (عمرو).

وقوله: ولا يفعل ذلك دون نهي ... إلى آخره؛ إشارة إلى أنّه لا يترك المستثنى منه، ويفرّغ عامله لما بعد (إلا) دون وجود نهي صريح، أو مؤول (٤)، فمثال النّهي الصريح قوله تعالى: وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ (٥)، ومثال النفي الصّريح قوله تعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ (٦)، وأراد المصنف بالنّهي المؤوّل -


(١) وفائدة الاستثناء في هذا المثال إثبات المجيء لـ (زيد) ونفيه عمن سواه. ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (٢/ ٨٦، ٨٧) طبعة عالم الكتب بيروت.
(٢) ينظر: الأصول لابن السراج (١/ ٣٤٣، ٣٤٤).
(٣) ينظر: شرح ألفية ابن مالك لابن الناظم (ص ٢٨٨) تحقيق د/ عبد الحميد السيد، والمسائل المشكلة لأبي علي الفارسي (ص ٤٩١) تحقيق: صلاح الدين السنكاوي طبعة بغداد.
(٤) ينظر في ذلك، وفي جواز التفريغ مع الإيجاب: شرح كافية ابن الحاجب للجامي (١/ ٢٢٠ - ٢٢٣) تحقيق د/ أسامة طه الرفاعي طبعة بغداد.
(٥) سورة النساء: ١٧١. فما قبل (إلا) وهو (تقولوا) يطلب مفعولا صريحا، فنصب ما بعد إلا وهو (الحق) على المفعولية، وتقدير المستثنى منه: ولا تقولوا على الله شيئا إلا الحق. ينظر: شرح التصريح (١/ ٣٤٨)، والهمع (١/ ٢٢٣).
(٦) سورة آل عمران: ١٤٤. فما قبل (إلا) وهو (محمد) مبتدأ، والمبتدأ يطلب الخبر، فرفع ما بعد (إلا) وهو (رسول) على الخبرية.
ينظر شرح التصريح (١/ ٣٤٨)، وحاشية الصبان على الأشموني (٢/ ١٤٩)، والهمع (١/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>