للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال المصنّف (١): وزعم الزمخشريّ أنّ قوله تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ (٢) استثناء منقطع جاء على لغة تميم؛ لأنّ الله تعالى وإن صحّ الإخبار عنه بأنّه في السّموات والأرض فإنما ذلك على سبيل المجاز؛ لأنّه مقدّس عن الكون في مكان، بخلاف غيره، فإنّ الإخبار عنه بأنّه في السّماء أو في الأرض ليس مجازا، وإنمّا هو حقيقة ولا يصحّ حمل اللّفظ في حال واحد على الحقيقة والمجاز (٣).

قال المصنف (٤): والصحيح عندي أنّ الاستثناء في الآية متّصل و (فى) متعلقة بغير (استقرّ) من الأفعال المنسوبة حقيقة إلى الله تعالى وإلى المخلوقين (ذكر) ويذكره فكأنّه قيل: لا يعلم من يذكر في السموات والأرض الغيب إلّا الله، ويجوز تعليق (فى) بـ (استقرّ) مسند إلى مضاف حذف وأقيم المضاف إليه مقامه، والأصل: لا يعلم من استقرّ ذكره في السموات والأرض الغيب إلّا الله، ثمّ حذف الفعل والمضاف واستتر المضمر لكونه مرفوعا، هذا على تسليم امتناع إرادة الحقيقة والمجاز في حالة واحدة، وليس عندي ممتنعا لقولهم: القلم أحد اللسانين، والخال أحد الأبوين، وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ (٥) وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الأيدي ثلاث: يد الله ويد المعطي ويد السائل». انتهى.

وجعله (فى) متعلّقة بغير (استقرّ) أو بـ (استقرّ) مسند إلى مضاف، إلى ضمير (من) فيه نظر لا يخفى وقد فهم من قول المصنّف: وبنو تميم لا يوجبون الإتباع (٦)، قال الشيخ: «بل الأفصح عندهم النّصب، وأمّا البدل فهو ضعيف وعلّل ضعفه بأنّه لا يتصوّر إلّا على تأويل (٧) وجعل قول المصنّف: «إنّ بني تميم يقرؤون ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ [٣/ ٣٨] بالرفع إلّا من لقّن النصب مخالفا لما حكي، قلت: قد تقدّم من كلام المصنّف أنّ النصب في المنقطع

إمّا -


- (من رحم) بمعنى المرحوم، والعاصم على ظاهره فإن كان (عاصم) بمعنى ذا عصمة أي على إرادة النسب أو يكون (من رحم) بمعنى الراحم فيصير متصلا، وعلى هذا التوجيه يكون (من رحم) في موضع رفع بالبدل من (عاصم) والتقدير: لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم إلا الراحم وهو الله». اه.
(١) شرح التسهيل (٢/ ٢٨٨).
(٢) سورة النمل: ٦٥.
(٣) الكشاف (٣/ ١٥٦).
(٤) شرح التسهيل (٢/ ٢٨٨).
(٥) سورة الأحزاب: ٥٦.
(٦) ينظر: التذييل والتكميل (٣/ ٥٥٣).
(٧) سورة النساء: ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>