للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الظاهر أو في صفته، وهو عائد عليه، يجوز للمتكلم أن يبدل ذلك المستثنى من أيّهما شاء، وذلك نحو: ما أحد يقول ذلك إلّا زيد، وما حسبت أحدا يفعل ذلك إلّا زيد، وما كان أحد يجترئ عليك إلّا زيد، فلك أن تجعله تابعا في تلك الأمثلة، لما عاد إليه المضمر من المبتدأ، أو المفعول الأول لـ (حسبت)، فيكون إعرابه على حسب إعراب متبوعه (١)، ولك أن تجعله تابعا للمضمر العائد من خبر المبتدأ، أو المفعول الثاني أو خبر (كان) (٢)؛ لأنّ العامل في الضمير خبر ما دخل النّفي عليه، وإذا دخل نفي على ذي خبر فالخبر هو المنفيّ، فهذه أمثلة الضمير واقعا في الخبر.

وأمّا أمثلته واقعا في الصّفة نحو: ما فيهم أحد اتّخذت عنده يدا إلّا زيدا، فيجوز في زيد الرّفع إتباعا للمبتدأ، والخفض إتباعا للضّمير الواقع في صفته؛ لأنّ المعنى ما اتخذت عند أحد يدا إلّا زيد، وكذا ما ظننت فيهم أحدا يقول ذلك إلّا زيدا، وما كان فيهم أحد يفعل ذلك إلّا زيد، وإتباع الظاهر المخبر عنه أو الموصوف في الصّور المذكورة أولى من إتباع المضمر؛ لأنّ المسوّغ للإتباع هو النّفي، وهو أقرب إلى الظاهر منه إلى المضمر (٣). قال سيبويه - بعد أن مثّل بقوله: ما علمت أحدا يقول ذلك إلّا زيدا -: وإنّما اختير النصب هنا؛ لأنّهم أرادوا أن يجعلوا المستثنى بمنزلة المبدل منه وأن لا يكون إلّا من منفيّ، والمبدل منه منصوب منفيّ، ومضمره مرفوع فأرادوا أن يجعلوا المستثنى بدلا منه؛ لأنّه هو المنفيّ، وهذا وصف أو خبر، وقد تكلّموا بالآخر؛ لأنّ معناه النّفي، إذا كان وضعا لمنفي، كما قالوا: عرفت زيدا أبو من هو، كما ذكرت لك؛ لأنّ معناه معنى المستفهم منه. انتهى (٤).

فلو كان الضمير العائد في غير خبره، وغير صفة مخبرا عنه، امتنع إتباعه ولزم إتباع الظّاهر كقولك: ما شكر رجل أكرمته إلّا زيد، وما مررت بأحد أعرفه إلّا -


(١) أي: يكون بدلا منه على حسب إعرابه؛ لأن المسوغ للإتباع هو النفي، وهو أقرب إلى الظاهر منه إلى المضمر وهو المختار. ينظر التذييل والتكميل (٣/ ٥٥٨).
(٢) فيكون بدلا منه؛ لأن النفي متوجه عليه من جهة المعنى. ينظر التذييل والتكميل (٣/ ٥٥٨).
(٣) قال أبو حيان: «... ومن صفة اسم كان عليه ومثال ذلك: ما فيهم أحد اتخذت عنده يدا إلا زيد، وما ظننت فيهم أحدا يقول ذلك إلا زيد، وما كان فيهم أحد يقول ذلك إلا زيد فحكم هذه المسائل في الصفة حكمها في الخبر، فالأولى الإبدال من الظاهر، ويجوز الإبدال من المضمر». اه. التذييل والتكميل (٣/ ٥٥٨).
(٤) الكتاب (٢/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>