للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جائز عند الكوفيين (١) وهو الصحيح، وممن وافقهم ابن خروف (٢). واستدلّ المصنف على استثناء الأكثر بقوله تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (٣) قال: لأنّ من سفه نفسه أكثر ممن لم يسفه نفسه، فإنّ

المراد ب مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ المخالفون لملة إبراهيم، وهم أكثر من الذين تبعوها لأنّ القوم (الخاسرين) (٤) هم غير المؤمنين، لقوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا (٥). واستدلّ ابن خروف بقوله تعالى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ (٦) قال: «فالقليل هو المستثنى وليس معلوم القدر، فأبدل منه النصف على جهة البيان لمقدار القليل، والضمير عائد إلى الليل، والمعنى: قم نصف الليل، والضمير في «منه) عائد إلى النصف وكذا الضمير في عليه فالتقدير: قم نصف الليل أو أقلّ منه أو أكثر منه، قال: فخرج من هذا أن المستثنى النصف، أو أقلّ منه أو أكثر، ولا محيص عنه. انتهى.

وإدخال ابن خروف أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ في حيّز الاستثناء، وقوله: فخرج من هذا أنّ المستثنى أقلّ من النّصف أو أكثر، غير ظاهر؛ إذ ليس قوله تعالى: أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ (٧) من الاستثناء في شيء، وأمّا استدلاله على صحة استثناء النّصف بقوله تعالى: إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ (٨) فظاهر في المراد، وكذا ما تقدّم من أدلّة المصنف على صحّة استثناء الأكثر وقد أوّل المخالفون ذلك، أمّا: مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (٩) فجعلوه منقطعا، إذ ليس الكلام فيه (١٠). -


(١) ومنع ذلك من الكوفيين القاضي أبو بكر، في آخر أقواله، ومنعه الحنابلة، ينظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٢/ ١٢٩).
(٢) ينظر: شرح جمل الزجاجي لابن عصفور (٢/ ٢٤٩، ٢٥٠) والتذييل والتكميل (٣/ ٧٩).
(٣) سورة البقرة: ١٣٠.
(٤) ما بين القوسين من الهامش.
(٥) سورة العصر: ٢، ٣.
(٦) سورة المزمل، قال ابن عصفور - في الشرح الكبير (٢/ ٢٥٠، ٢٥١) -: «ووجه الدليل في هذه الآية أن القليل مستثنى من الليل، فالمراد به النصف بدليل أنه قد أبدل منه النصف بدل شيء من شيء، قالوا: ولا يجوز أن يكون أبدل منه بدل بعض من كل، حتى كأنه قال: قم نصف القليل لأن القليل مبهم، فلا يعلم قدر نصفه». اه. وينظر: المساعد لابن عقيل (١/ ٥٧١)، والتذييل والتكميل (٣/ ٥٧٩، ٥٨٠).
(٧) سورة المزمل: ٣ و ٤.
(٨) سورة المزمل، ٢، ٣.
(٩) سورة البقرة: ١٣٠.
(١٠) التذييل (٣/ ٥٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>