للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حاشاي (١)، هذا نصّه. وتعصّب بعض المتأخرين، مانعا فعلية (حاشا) لقول بعض العرب: (حاشاي) وأنشد:

١٧٣٦ - في فتية جعلوا الصّليب إلههم ... حاشاي إنّي مسلم معذور (٢)

وأجاب المصنف بأنّ ذلك ورد على استعمالها حرفا؛ لأنّه أكثر من استعمالها فعلا، ولو أنّ من قال: حاش الشيطان دعته حاجة إلى استثنائه نفسه، قاصدا للنصب لقال: حاشاني، كما يقال: عساني (٣)، وقال بعض المتعصبين (٤) - أيضا -:

لو كانت (حاش) فعلا لجاز أن يوصل بها (ما) كما (٥) وصلت بـ (عدا) و (خلا) وما ذكره غير لازم، فإنّ من أفعال هذا الباب (ليس) و (لا يكون) ولم توصل (ما) بهما، وأيضا فالدليل يقتضي ألّا توصل (ما) وغيرها، من الحروف الموصلة بالأفعال، إلّا بفعل له مصدر مستعمل، حتى يقدّر الحرف وصلته واقعين موقع ذلك المصدر، ومعلوم أنّ أفعال هذا الباب ليس لها مصادر مستعملة فإذا وصل بها حرف مصدري فهو على خلاف الأصل، فلا يبالى بانفراده بذلك فيقال: لم لم يوافقه غيره، فإنّ موافقته تكثير للشذوذ ومخالفته استمرار على مقتضى الدليل، ومن ورود الجرّ بـ (حاش) - وإن كان هو المجمع عليه - قول الشاعر [٣/ ٥٤]: -


(١) التذييل والتكميل (٣/ ٦٢٧) والتصريح (١/ ١١٢)، والهمع (١/ ٢٣٢).
(٢) قائله الأقيشر الأسدي، واسمه المغيرة بن أسود بن عبد الله بن أسد بن خزيمة، نشأ في أول الإسلام، وعمّر عمرا طويلا، ويروى:
من معشر عبدوا الصليب سفاهة ... ...
المعذور: المختون، وهو مقطوع العذرة، وهي: قلفة الذكر، يقال: عذر الغلام، وأعذره، وكذلك الجارية، الأكثر: عذر الغلام، وختن الجارية، والبيت من الكامل.
والشاهد: في قوله: «حاشاي»؛ حيث جرّ ياء المتكلم بـ (حاش)، فلو كان في محل نصب لاتصلت نون الوقاية بالفعل. ينظر: العيني (١/ ٣٧٧)، والتصريح (١/ ١١٢)، والهمع (١/ ٢٣٢)، والدرر (١/ ١٩٧).
(٣) ينظر: التذييل والتكميل (٣/ ٦٣٨).
(٤) قال سيبويه (١/ ٣٣٧): «لو قلت أتوني ما حاشا زيد لم يكن كلاما». اه.
(٥) أجاز أبو الحسن الأخفش دخول (ما) المصدرية على قلة. قال التبريزي: وأجاز بعضهم على قلة فقال:
رأيت الناس ما حاشا قريشا ... فإنّا نحن أفضلهم فعالا
مبسوط الأحكام (٣/ ٩١٤)، وينظر: شرح الكافية للرضي (١/ ٢٤٤)، والبسيط (ص ١٢١)، وشرح الأشموني (٢/ ١٦٥)، والخزانة (٢/ ٣٦)، والهمع (١/ ٢٣٣)، والدرر اللوامع (١/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>