للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(ما) إذا زيدت مع حرف الجرّ لا تتقدم عليه، بل تتأخر عنه، نحو: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ (١) وعَمَّا قَلِيلٍ (٢) وحيث نصب الاسم بعد (عدا) و (خلا) موصولين بـ (ما) أو غير موصولين بـ (ما) نصبه الأفعال، على أنه مفعول به وسيأتي الكلام على فاعل الأفعال المشار إليها وعلى محلّها أيضا، واعلم أنه تجرد (حاشا) عن معنى الاستثناء، وتستعمل مقصودا بها تنزيه الاسم المذكور بعدها عن السوء، فيقال: - حينئذ - حاش زيد، وحاشا لزيد؛ منونة، وغير منونة، وقد يبتدئون بتنزيه اسم الله تعالى، على جهة التعجّب، كما في قوله تعالى: قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ (٣)، وإذا قصد بها هذا المعنى خرجت عن أن تكون حرفا؛ لأنّ الحرف لا يضاف، ولا ينوّن ولا يباشر حرفا مثله، وهل هي اسم أم فعل؟ في ذلك خلاف.

قال المصنف (٤): وإذا ولي حاشا مجرور باللّام فارقت الحرفية بلا خلاف؛ إذ لا يدخل حرف جرّ على حرف جرّ، وإذا لم تكن حرفا فهي إمّا فعل، وإمّا اسم، فمذهب المبرّد أنّها - حينئذ - فعل (٥)، والصّحيح أنها اسم، منتصب انتصاب المصدر الواقع بدلا من اللفظ بالفعل، فمن قال: حاشَ لِلَّهِ بالإضافة - وهي قراءة ابن مسعود (٦) - فهي مثل: سبحان الله، ومعاذ الله (٧)، ومن قال: (حاشا لله)، بالتنوين - وهي قراءة أبي السّمّاك (٨) - فهو مثل: رعيا لزيد، وأما القراءة -


(١) سورة آل عمران: ١٥٩.
(٢) سورة المؤمنون: ٤٠.
(٣) سورة يوسف: ٥١.
(٤) شرح المصنف (٢/ ٣٠٨) تحقيق د/ عبد الرحمن السيد، د/ بدوي المختون.
(٥) ينظر: المقتضب للمبرد (٤/ ٣٩٢) تحقيق/ عبد الخالق عضيمة.
(٦) هو عبد الله بن مسعود بن الحارث أبو عبد الرحمن الهذلي المكي، أحد السابقين والبدريين، والعلماء الكبار من الصحابة، إليه منتهى قراءة عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف، والأعمش، توفي سنة (٣٢ هـ). ينظر: غاية النهاية (١/ ٤٥٨، ٤٥٩).
(٧) في الكشاف للزمخشري (٢/ ٣١٧): فمعنى (حاشا الله): براءة الله، وتنزيه الله، وهي قراءة ابن مسعود، على إضافة (حاشا) إلى (الله)، إضافة البراءة. اه. وقد نقل هذا الكلام بنصه عن الزمخشري في البحر المحيط (٥/ ٣٠٢).
(٨) هو أبو السماك، قعنب بن أبي قعنب، العدوي البصري، له اختيار في القراءة، شاذ عن العامة، رواه عنه أبو زيد، سعيد بن أوس، وأسند الهذلي قراءة أبي السماك عن هشام البربري، عن عباد بن راشد، عن الحسن عن سمرة، عن عمر، وهذا سند لا يصح. ينظر: غاية النهاية (٢/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>