للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«أمّا صديقا فصديق» تعينت الحالية، وكان العامل فعل الشرط المقدر، ويجوز أن يكون العامل الصفة التي بعد الفاء، ويكون الحال مؤكدا، وكذلك يجوز الوجهان في «أمّا صديقا فليس بصديق» (١) ومنع المبرد في هذا إعمال (صديق) لاقترانه بالباء، وغيره لا يمنع ذلك؛ لأنّ الباء زائدة، فوجودها كعدمها. وزعم الأخفش أنّ (صديقا) منصوب بـ (يكون) والتقدير: أمّا أن يكون إنسان فالمذكور صديق.

وردّ المبرد قوله ولم يذكر حجّة الردّ. والحجة أنّا إذا قدّرنا (أن يكون) لزم كون (أن) وصلتها في موضع نصب على المذهب المختار، وينبغي أن تقدّر قبله (أن يكون) آخر، ويؤدي ذلك إلى التسلسل، وهو محال.

قال الشيخ: ولا يلزم ما قال من كون (أن) وصلتها في موضع نصب، بل يكون في موضع رفع على الابتداء، والتقدير: أمّا كون إنسان صديقا فأنت صديق، والراجع محذوف، أي: فأنت صديق مثله، أي: مثل كونه صديقا، ولو فرضنا أنّ (أن يكون) في موضع نصب، لم يلزم أن يكون منصوبا بـ (أن يكون) مضمرة، بل يكون العامل فيه النصب الوصف الذي بعد الفاء، ويكون (أن يكون) مفعولا له، والتقدير: أمّا لأن يكون إنسان صديقا فالمذكور صديق (٢).

قال: وإنّما يردّ مذهب الأخفش بأنّ فيه إضمار المصدر وإبقاء معموله، وهو لا ينقاس. انتهى (٣).

وقد علمت مما تقدّم: أنّ الواقع بعد (أمّا) إمّا مصدر، أو صفة، أو اسم غير مصدر ولا صفة وكلّ من الثلاثة إمّا معرّف باللام أو منكّر، وتقدّم الكلام على المصدر معرّفا ومنكّرا، مرفوعا ومنصوبا، وعلى الصفة المنكّرة والصفة المعرّفة في الحكم كالاسم غير المصدر وغير الصفة المنكّرة، وقد تبيّن أنّ نصبه قليل، وأنّ الرفع فيه هو الوجه، وذلك قولك: «أمّا العبيد فذو عبيد، وأما العبد فذو عبد، وأمّا عبدان فذو عبدين» وهي أمثلة سيبويه (٤)، وقال بعد أن مثّل بها: وإنّما اختير -


(١) في المخطوط: ولذلك لا يجوز التقدير في «أما صديقا ... إلخ» وما أثبته من شرح المصنف، وهو الصواب.
(٢) إلى هنا كلام المصنف وينظر: في شرحه (٢/ ٣٣٠، ٣٣١).
(٣) انتهى كلام أبي حيان. وينظر: في التذييل (٣/ ٧٣٢).
(٤) ينظر: الكتاب (١/ ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>