للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إضافة ما ليس عاملا في الحال إلى صاحبه غير جائزة إلا إن كان المضاف جزءا من المضاف إليه أو كجزء من المضاف إليه كما تضمنه كلامه (١)، فأمّا إضافة عامل الحال إلى صاحبه: فقد تقدّم تمثيله ومنه أيضا قوله تعالى: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً (٢).

ومثله قول الشاعر:

١٨٠٦ - تقول ابنتي إنّ انطلاقك واحدا ... إلى الرّوع يوما تاركي لا أبا ليا (٣)

ومثال ما المضاف فيه جزء من المضاف إليه قوله تعالى: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً (٤)، ومثال ما هو فيه كجزء قوله تعالى: أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (٥) وإنما حسن جعل الذي أضيف إليه جزؤه أو كجزئه صاحب حال؛

لأنه قد يستغنى به عن المضاف، ألا ترى أنه لو قيل في الكلام: ونزعنا ما فيهم من غلّ إخوانا، واتبع إبراهيم حنيفا؛ لحسن، بخلاف الذي يضاف إليه ما ليس بمعنى الفعل، وما ليس جزءا ولا كجزء، فإنّه لا سبيل إلى جعله صاحب حال؛ لأنّه لو قلت: «ضربت غلام هند جالسة» أو نحو ذلك لم يجز بلا خلاف (٦).

وقد ذكر ابن عصفور وغيره أنّ (إخونا) منصوب على المدح، وأنّ (حنيفا) حال من ملّة على تأولها بـ (دين). وهذا بناء منهم على أنّ الحال لا تكون من المضاف إليه، إلّا إن كان المضاف عاملا فيه رفعا أو نصبا من حيث المعنى، وهو رأي -


(١) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٤٢).
(٢) سورة المائدة: ٤٨.
(٣) البيت من الطويل، وقائله: مالك بن الريب التميمي وينظر: في شرح المصنف (٢/ ٣٤٢)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٣٢٦)، ومنهج السالك لأبي حيان (ص ١٩٣)، والأشموني (٢/ ١٧٩).
والشاهد: في «واحد»؛ حيث نصب على الحال من الكاف التي أضيف إليها الانطلاق؛ لأنه فاعل له.
(٤) سورة الحجر: ٤٧.
(٥) سورة النحل: ١٢٣.
(٦) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٤٢)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٣٢٧) وقال أبو حيان: أجاز بعض البصريين مجيء الحال من المضاف إليه الصريح. ينظر: الارتشاف (٢/ ٣٤٨)، ومنهج السالك (ص ١٩٣) وفي الهمع (١/ ٣٤٠). وجوّز بعض البصريين وصاحب البسيط مجيء الحال من المضاف إليه مطلقا. وينظر: توضيح المقاصد للمرادي (٢/ ١٥١)، والتصريح (١/ ٣٨٠).
وقال ابن عقيل: وقول ابن المصنف - تبعا لأبيه - رحمهما الله: «إنّ هذه الصورة ممنوعة بلا خلاف» ليس بجيد، فإنّ مذهب الفارسي جوازها، وممن نقله عنه الشريف أبو السعادات ابن الشجري في أماليه.
ينظر: شرح ابن عقيل (٢/ ٢٦٩)، وحاشية الداودي عليه (١/ ١٠٨٠) والأمالي الشجرية (١/ ١٥٦، ١٥٧)، والأشموني (٢/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>