للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقدم العلم به إلى قول سيبويه: وذلك أنّ رجلا من إخوانك ومعرفتك أراد أن يخبرك عن نفسه أو غيره بأمر فقال: «أنا عبد الله منطلقا، أو هو زيد منطلقا» كان محالا؛ لأنّه إنّما أراد أن يخبرك بالانطلاق، ولم يقل: هو، ولا: أنت؛ حتى استغنيت أنت عن التسمية؛ لأنّ (هو) و (أنا) علامتان للمضمر، وإنّما يضمر إذا علم أنك قد عرفت من يعني، ثم قال: إلّا أنّ رجلا لو كان خلف حائط، أو في موضع تجهله فيه فقلت: من أنت؟ فقال: «أنا عبد الله منطلقا في حاجتك» كان حسنا (١).

قال المصنف: الانطلاق في الأول مجهول، والإعلام به مقصود غير مستغنى عنه، فحقّه أن يرفع بمقتضى الخبرية، والاسم الذي قبله معلوم مستغنى عن ذكره، فحقّه ألّا يجعل خبرا، وإذا جعل خبرا ما حقّه ألّا يكون خبرا، وجعل فضلة ما حقه أن يكون عمدة؛ لزم كون الناطق بذلك محيلا، وكون المنطوق به محالا عمّا هو به أولى، فهذا معنى قول سيبويه: كان محالا وإنّما استحسن قول من قال: «أنا عبد الله منطلقا في حاجتك»؛ لأنّ السائل كان عهده منطلقا في حاجته من قبل أن يقول له: من أنت؟ فصار ما عهده بمنزلة شيء قد ثبت له في نفسه كشجاع وكريم فأجراه مجراه (٢).

ثم العامل في الحال المذكورة مقدّر بعد الخبر، وهو «أحقّه» أو «أعرفه» إن كان المخبر عنه غير (أنا). وإن كان (أنا) فالتقدير: أحق أو أعرف أو اعرفني.

وقال الزجاج: الخبر هو العامل مؤولا بمسمّى أو مدعو، ويجعل فيه ضمير المبتدأ، وهو بعيد للزوم أن يتحمل الجامد ضميرا.

وقال ابن خروف: العامل هو المبتدأ، لتضمنه معنى تنبّه (٣).

وهو أبعد من قول الزجاج، وكلام المصنف في هذا الفصل واضح لا يخفى تطبيقه على ما ذكر.


(١) الكتاب (٢/ ٨٠، ٨١).
(٢) انتهى كلام المصنف وينظر في: شرحه (٢/ ٣٥٨، ٣٥٩).
(٣) ينظر: مذهبا الزجاج وابن خروف في: شرح التسهيل للمصنف (٢/ ٣٥٨)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٣٣٦)، وشرح الكافية للرضي (١/ ٢١٥) والتصريح (١/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>