للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والجواب عن المناقشة الأولى: أنّه لا يلزم من قولنا: «فاعل معنى» صحة وجود فعل مسند إلى ذلك الاسم على أنّه فاعل، ومراد المصنف بذلك أنّ المعنى المنطوي عليه الكلام قائم بذلك الاسم، ولا شكّ أنّ الأكثرية في «زيد أكثر مالا» قائمة بالمال، وإن كانت مسندة إلى ضمير زيد، ومعنى الكلام: مال زيد أكثر من مال غيره، فالمال فاعل معنى بهذا الاعتبار، وإنما امتنع وجود فعل بهذا المعنى لعدم دلالته على المشاركة والزيادة، وأما صيغة «أفعل» فلها دلالة على ذلك، وإسنادها إلى شيء يحقق فاعليته.

وأما المناقشة الثانية: فيمكن أن يقال في الجواب عنها: إنّ (قلبا) من «مسرور قلبا» وإن كان في الأصل مفعولا لما لم يسمّ فاعله فحكمه حكم الفاعل في ذلك لقيامه مقامه، فيمتنع فيه ما امتنع في الفاعل، وقد علم مما تقدّم أنّ مميز المفرد على ما يراه المصنف منه ما ينصب، ويجرّ بالإضافة ويجرّ بـ (من) وذلك مميّز الكيل والوزن والمساحة، ومنه ما ينصب ويجرّ بـ (من) ولا يجرّ بالإضافة وهو الواقع بعد مفهم المثليّة والغيريّة ومفهم التعجب في مثل «لله درّه فارسا» ومنه ما ينصب ويجرّ بالإضافة ولا يجرّ بـ (من) نحو: «زيد أشجع الناس رجلا» ومنه ما ينصب فقط وهو مميّز العدد الذي هو فاعل معنى.

قال الشيخ: واختلف النحويون في (من) التي تظهر مع التمييز المذكور فقيل:

إنّها للتبعيض، ولهذا لم تدخل على التمييز [٣/ ٩٤] المنقول؛ لأنّه ليس أعمّ من المبهم الذي أتي به لتفسيره فليس (نفسا) أعمّ من المبهم الذي انطوى عليه «طاب زيد».

وقال الأستاذ أبو علي (١): ويمكن أن تكون زائدة عند سيبويه؛ لأنه جعل (من) في قوله: «ويحه من رجل» مؤكدة لمعنى التبعيض، وشبّهها في ذلك بقولهم: «ما جاء من أحد» (٢) إلّا أنّ المشهور أنها لا تزاد في الواجب، وحكم ابن عصفور (٣) بعدم زيادتها، وجعلها مؤكدة لمعنى التبعيض (٤).


(١) ينظر: توضيح المقاصد للمرادي (٢/ ١٨٤)، والتصريح (١/ ٣٩٨).
(٢) ينظر: كتاب سيبويه (٤/ ٢٢٥).
(٣) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٢٨٣) (أبو جناح) وتوضيح المقاصد (٢/ ١٨٤) والتصريح (١/ ٣٩٨)، والأشموني (٢/ ٢٠٠).
(٤) ينظر: كلام أبي حيان في التذييل (٤/ ٦٩، ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>