بالمباين ما لا يصدق على الاسم الذي قبله، ولا شك في صدق (آباء) على الزيدين، فلا يكون مباينا فكان الواجب التمثيل بما فيه مباينة، نحو:«حسن الزيدون دورا» إذا كان لكل منهم دار، فلا يجوز الإفراد هنا لئلّا يتوهم أن للجميع دارا واحدة، أو الاقتصار على قوله: وإفراد المميز بعد جمع إن لم يوقع في محذور أولى دون تقييد بالمباين ليشمل المتحد والمباين، وحينئذ يتمشى التمثيل بنحو:«كرم الزيدون آباء».
فإن أجيب عن ذلك بأن المراد بالمباين: ألا يكون التمييز لذلك الاسم الذي قبله بل لمتعلقه سواء صدق المميز عليه نحو: «كرم زيد أبا» إذا كان الممدوح هو أبو زيد، أم لم يصدق نحو:«حسن زيد علما» كان هذا الجواب مدفوعا بأمرين:
أحدهما: أن المصنف لما مثّل للمسألة بنحو: «كرم الزيدون آباء» إنّما فسّره بما أكرمهم من آباء، فبيّن أنّ المراد بآباء نفس الزيدين، ولم يجعل المراد بهم متعلق الزيدين، وهو آباؤهم.
الثاني: أنه قال في أول الفصل: فإن صحّ الإخبار به عن الأوّل فهو له أو لملابسه فجوّز في ما يصح الإخبار به عما قبله أن يكون لملابسه - يعني لمتعلقه - ولا شك أن ما صح الإخبار به عن شيء لا يكون مباينا لذلك الشيء، فلزم من هذا ألّا يكون مراده بالمباين ما كان لمتعلق الاسم، بل ما لا يصدق على ذلك الاسم، وإذا كان كذلك تبيّن أن التمثيل لما يجب فيه المطابقة من المباين بـ «كرم الزيدون آباء» ليس بجيّد، ثم تفسير المصنف لذلك بأنّ المراد: ما أكرمهم من آباء، غير واضح، ولو قلنا: إنّ المراد بالمباين هنا هو أن يكون التمييز لمتعلق الاسم لا له؛ لأنّه قد جعل التمييز للاسم الأول حيث جعل الزيدين هم الآباء، وكان الواجب أن يجعله لمتعلقه، فيقال: المراد: ما أكرم آباؤهم، وما برحت أستشكل هذا الموضع من كلام المصنف.
البحث الثاني:
قال الشيخ: قول المصنف: إن لم يوقع في محذور شرط في كون المباين أولى من المطابقة في الجمع، ومفهوم الشرط: أنه إذا أوقع في محذور لزمت المطابقة. انتهى.
والأمر في لزوم المطابقة حينئذ كما قال، وقد تقدّم لك من كلام المصنف في شرحه التصريح بذلك، ولكن الذي ألزم به المصنف غير لازم؛ لأنه قد ذكر قبل أنّ -