للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإن عكست لم يجز التقديم؛ لأنّ صلة الاسم لا تتقدم عليه، والخبر مبني على التصرف، فلو قلت: «مررت بعبد الله

القمر حسنا» لم يجز تقديم (حسنا) على (القمر)؛ لأن (القمر) ليس بخبر، قال: فهذا نوع من التمييز المنتصب عن تمام الاسم ووقع فيه الخلاف؛ إذ العامل فيه هو القمر والسّلق لقيامهما قيام (مثل) المحذوفة التي ينتصب عنها التمييز في قولنا: «زيد مثل زهير شعرا» وقد ارتكب مذهب الفراء في هذه المسألة الخالديان (١) في أبيات يمدحان بها سيف الدولة (٢) وكان قد أهدى إليهما هدية فيها وصيف ووصيفة، فقال:

١٩١٩ - رشأ أتانا وهو حسنا يوسف ... وغزالة هي بهجة بلقيس (٣)

ويمكن الجواب عن هذه المناقشة: بأن المصنف يرى أن (شعرا) في نحو: «زيد زهير شعرا» منصوب على الحال، لا على التمييز وقد تقدم ذلك في باب الحال، لكن النصب على التمييز أظهر. واعلم أنهم قد أخرجوا هذا البيت أعني قوله:

١٩٢٠ - ونارنا لم ير نارا مثلها

عن أن يكون ضرورة، بأن جعلوا (لم ير) فيه علمية، و (مثلها) المفعول الأول، و (نارا) المفعول الثاني، أي: لم يعلم مثلها نارا، وقد توهم ابن عصفور وابن الضائع أنّ هذا من توسط التمييز بين الفاعل العامل فيه ومعموله، نحو: طاب نفسا زيد» وليس الأمر كما توهماه؛ لأن التمييز المذكور ليس منتصبا عن تمام الكلام، إنما هو منتصب عن تمام الاسم بالإضافة والمميّز هو (مثل) نفسه وليس نسبة مجهولة تحتاج -


(١) هما أبو بكر محمد الخالدي الأخ الأكبر المتوفى سنة (٣٨٠ هـ) والثاني هو أبو عثمان سعيد الخالدي المتوفى سنة (٣٩٠ هـ) من قرية بالموصل تعرف بالخالدية وكانا شاعرين أديبين ولهما من الكتب: أخبار الحماسة في شعر أبي تمام ومحاسنه وأخبار الموصل. انظر يتيمة الدهر (٢/ ١٨٣) طبعة دار الكتب العلمية.
(٢) هو سيف الدولة الحمداني الأمير العربي المشهور على ولاية حلب قصده الأدباء والشعراء واشتهر المتنبي بمدحه إياه بأجود القصائد.
(٣) البيت من بحر الكامل من قصيدة للخالدين في مدح سيف الدولة أولها:
لم يغد شكرك في الخلائق مطلقا ... إلا ومالك في النوال حبيس
والرشأ: الظبي إذا قوي ومشى مع أمه. بلقيس: ملكة سبأ المشهورة قصتها في القرآن.
والشاهد فيه: تقدم التمييز المنتصب بعد اسم شبه به الأول على مذهب الفراء في موضعين من البيت قوله:
«وهو حسنا يوسف» وقوله: «هي بهجة بلقيس»، وانظر البيت في التذييل والتكميل (٤/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>