للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قولهم في (بيوت): بيوت، ففتحوا الجمع مع أنه أثقل من المفرد بكسرة تليها ضمّة، وقد رفضوا ذلك في المفرد مع أنّه أخفّ إلا أنّ الكسرة عارضة للإيقاع والضمة منوية في محلّها فعاد الصعب هيّنا والعذر بيّنا.

وما حكى أبو عليّ من قولهم: (بيس) فالوجه فيه أنّ أصله: بيس، فخفّف (بئس)، ثم فتحت الباء التفاتا إلى الأصل وترك ما نشأ [٣/ ٩١] من الكسرة؛ لأن استعمالها أكثر فكانت جديرة بأن تنوى مع رجوع الفتحة لشبهها بالعارضة في قلّة الاستعمال (١) انتهى.

ولم يذكر ابن عصفور سوى لغتين كسر الباء، وفتحها ولا شكّ أن قول من حفظ حجّة على من لم يحفظ مع أنّ اطلاع المصنّف على اللغة أمر لا ينكر.

ثمّ إن الشيخ اعترض على المصنّف في قوله: وكذا كلّ ذي عين حلقية من (فعل) فعلا أو اسما فقال: قد أطلق المصنف وغيره هذا، وينبغي أن يعتبر ذلك بشرط ألّا يكون ممّا شذّت العرب في فكّه، نحو: لححت عينه، أو اتصل بآخر الفعل ما يسكن له نحو: شهدت، أو كان اسم فاعل من فعل معتلّ اللام نحو:

ضح، من قولهم: ضحي الثوب ضحا، [فهو ضح] إذا اتسخ، وسخي سخا فهو سخ أيضا، إذا اتّسخ فإن هذه لا يجوز

تسكين عينها (٢). انتهى.

وأقول: إن الحكم العامّ إذا امتنع في بعض الصّور، لا لأمر يرجع إلى ذات الشيء بل لعارض يتحقق امتناع ذلك الحكم لأصله لا يحتاج إلى التنبيه عليه، وبيان ذلك فيما نحن بصدده، أنّ نحو: (لححت) لو سكن لوجب الإدغام، والغرض أنّ تلك الكلمة إنما استعملت غير مدغمة فالمانع من التسكين إنما هو مخالفة الاستعمال ومخالفة استعمال العرب غير جائزة، وأما نحو: (شهدت) فتسكين عينه ممتنع حينا فأيّ حاجة إلى استثنائه؟! وأما اسم الفاعل من الفعل المعتلّ فلا شكّ أنّه لو سكنت عينه لصحّت لامه، فكان يقال في (ضح): (ضحي) ولو قيل ذلك لانتقل اسم الفاعل من الإعلال إلى التصحيح، ولا شكّ في أنّ اسم الفاعل يتبع الفعل في الصحّة والإعلال، فلو صحّ اسم الفاعل هنا لزم التخالف بينه وبين فعله في الإعلال وذلك غير جائز.


(١) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٨) والتذييل والتكميل (٤/ ٤٥٨).
(٢) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٤٥٤، ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>