للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الألف واللام أنّه قصد إلى معهود في الذهن، غير معيّن في الوجود، كقولك:

«ادخل السوق» وإن لم يكن بينك وبين مخاطبك سوق معهود في الوجود، وهذا التعريف باللام نحو التعريف الذي ذكرناه في باب: (أسامة) وإن اختلفت جهات التّعريف، وإذا كان كذلك ثبت فيه إبهام، باعتبار الوجود، ولهذا ظنّ بعض النحويّين أنّه موضوع للجنس بكماله - يعني المعرّف باللّام - كما ظنّ بعضهم أنّ أسامة موضوع للجنس بكامله، وهو خطأ محض في البابين جميعا، ألا ترى أنّك إذا قلت: نعم الرجل، لم ترد جميع الرجال، هذا مقطوع به في قصد المتكلم ولذلك وجب أن يكون المفسر له مطابقا، ووجب إذا قصد التثنية أن يثنى، ولو كان كما زعموا لوجب أن يطابق الجميع الجنس، وأن لا يثنّى ولا يجمع؛ لأنّ أسماء الأجناس لا تثنّى ولا تجمع، إذا قصد المتكلم بها الجنس (١). فإن زعموا أنّ المخصوص بالمدح مرفوع على الابتداء في الأصل، و «نعم الرجل» خبره ولا في الجملة الواقعة خبرا من ضمير، أو ما يقوم مقامه، فالجواب: أنّ هذه الشبهة لا تعارض الأمور القطعية، وما ذكرناه مقطوع به، وأيضا فما ذكرتموه إنّما هو أحد الاحتمالين في الإعراب، فإن تعذر واحد منها تعين الآخر، وما ذكرناه متعيّن وأيضا فإنّا متفقون على صحّة «نعم رجلا زيد» و (زيد) يحتمل أن يكون مبتدأ - كما زعمتم - وخبره (نعم)، ولا يصحّ أن يقال: الضمير عائد على (زيد)؛ لأنه يجب ألّا يكون عائدا على متقدم، وإلّا ورد نحو: نعم رجلين الزيدان، ونعم رجالا الزيدون، وأيضا فإنّه [٣/ ٩٨] كان يفوت الإبهام الذي هو مقصود في غرض الباب.

ثمّ قال (٢): والتحقيق في جواب شبهتهم أمران:

أحدهما: أنّ الأصل أن يكون الرجل لـ (زيد) المذكور مضمرا عائدا عليه فاستعمل تارة مضمرا وتارة مظهرا، وحصل الإبهام بتأخير المفسر عنه، والآخر:

أنهم لما قصدوا إلى معهود في الذهن، كان كاسم الجنس الذي له شمول في المعنى فكما يصحّ أن يقوم اسم الجنس مقام الضمير صحّ أن يقام الاسم باعتبار المعقول في الذهن مقام الضمير؛ لأنّه يندرج تحت ما يقدر من إجازة في المعنى فإن قصدوا بقولهم: (اسم جنس) هذا المعنى فهو مستقيم، وإن قصدوا تحقيق وصفه للجملة -


(١) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٤٦٧).
(٢) أي: قال ابن الحاجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>