للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك إما أن يدّعي تجردها للاستفهام، وأما أن يدعي كونها للاستفهام والتعجّب معا، كما هي في قوله تعالى: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١).

فالأول باطل بإجماع، ولأنّ اللفظ المجرد للاستفهام لا يتوجّه ممّن يعلم إلى من يعلم، و «ما أفعله» صالح لذلك، فلم يكن لمجرد الاستفهام، والثاني أيضا باطل؛ لأنّ الاستفهام المشوب بتعجّب لا يليه - غالبا - إلا الأسماء، نحو: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢)، وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٣)، الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٤)، الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٥)، ونحو قول الشاعر:

٢٠٦٤ - يا سيّدا ما أنت من سيّد ... موطّأ الأكناف رحب الذّراع (٦)

ومثله:

٢٠٦٥ - يا جارتا ما أنت جارة (٧)

و «ما» المشار إليها مخصوصة بالأفعال، فعلم أنّها غير المضمّنة استفهاما، وأيضا: لو كان فيها معنى استفهام لجاز أن تخلفها «أيّ» كما يجوز أن تخلفها في نحو:

(... ما أنت من سيّد)

لأنّ استعمال «أيّ» في الاستفهام المضمّن تعجّبا كثير، كقوله:

٢٠٦٦ - أيّ فتى هيجاء أنت وجارها (٨) -


(١) سورة الواقعة: ٨.
(٢) سورة الواقعة: ٢٧.
(٣) سورة الواقعة: ٤١.
(٤) سورة الحاقة: ١، ٢.
(٥) سورة القارعة: ١، ٢.
(٦) سبق تخريج هذا الشاهد في باب التمييز.
والشاهد هنا قوله: «ما أنت من سيّد»؛ حيث إنّ «ما» الاستفهامية المشوبة بالتعجب جاء بعدها اسم هو «أنت».
(٧) سبق تخرج هذا الشاهد في باب التمييز أيضا.
والشاهد هنا قوله: «ما أنت جارة»؛ حيث إنّ «ما» قد يقصد بها الاستفهام المشوب بالتعجب، ويعقبها الاسم غالبا، كما هنا.
(٨) هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه:
إذا ما رجال بالرّجال استقلّت
-

<<  <  ج: ص:  >  >>