للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فأما الموافقة لفظا: فمن قبل أنّ مضارعه، واسم فاعله، واسم زمانه، واسم مكانه [لمضارع الثلاثي، واسم فاعله، وزمانه ومكانه] في عدّة الحروف، والحركات، وسكون الثاني، بخلاف غيره من المزيد فيه، وأما الموافقة في المعنى:

فكثيرة؛ فمن موافقته لـ «فعل»: سرى وأسرى، وطلع على القوم وأطلع، أي:

أشرف، وطفلت الشمس وأطفلت، أي: دنت للغروب، وعتم الليل وأعتم، أي:

أظلم، وعكل الأمر وأعكل، أي: أشكل، ومن موافقته لـ «فعل»: غطش الليل وأغطش، أي: أظلم، وعوز الشيء وأعوز، أي: تعذّر، وكذلك الرجل إذا افتقر، وعدم الشيء وأعدمه، أي: فقره، وعيست الإبل وأعيست، أي: دنّست أدبارها ومن موافقته لـ «فعل»: خلق الثوب وأخلق، أي: بلي، وبطؤ وأبطأ معلوم، وبؤس وأبأس، أي: ساءت حالته، ونظائر ذلك كثيرة، فلكون «أفعل» مختصّا من بين الأفعال المغايرة للثلاثيّ بمشابهته لفظا، وموافقته معنى، أجراه سيبويه مجراه في اطراد بناء فعلي التعجّب منه.

وقد يبنيان من غير فعل، كقولهم: ما أذرع فلانة! بمعنى: ما أخفّها في الغزل، وهو من قولهم: امرأة ذراع، وهي الخفيفة اليد في الغزل، ولم يسمع منه فعل، مثله، في البناء من وصف لا فعل له، وأقمن به أي: أحقق، اشتقوه من قولهم:

هو قمن بكذا، أي: حقيق به، وهذان وما أشبههما شواذ، لبنائهما من غير فعل (١)، ومثلهما في الشذوذ: ما أعساه! وأعسى به! بمعنى: ما أحقه، وأحقق به، فبنوا فعلي التعجب من «عسى»، وهو فعل غير متصرف، وإلى هذا أشرت بقولي: (أو فعل غير متصرف) ومن الأفعال ما لم يصغ منه فعل تعجب، مع كونه ثلاثيّا، مجردا، تامّا، مثبتا،

متصرفا، قابلا للكثرة، مصوغا للفاعل، غير معبر عن فاعله عن بـ «أفعل فعلاء»، فمن ذلك: سكر، وقعد، وجلس ضد «أقام»، وقال، من القائلة، استغنت العرب فيهن بـ: ما أشد سكره، وما أكثر قعوده، -


(١) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٤٨).
وفي التذييل والتكميل (٤/ ٦٧٠): (فأما دعواه أن ما أذرع فلانة! بمعنى: ما أخفها في الغزل، ولم يسمع منه فعل، فليست بصحيحة، قال ابن القطاع: ذرعت المرأة: خفت يداها في العمل؛ فهي ذراع، فعلى هذا لا يكون قوله: ما أذرع فلانة، شاذّا؛ إذ هو مصوغ من فعل) اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>