للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

محذوفا، هو جمع في المعنى، والمشتق الواقع بعد «أفعل» صفة له، والتقدير:

ولا تكونوا أول فريق كافر به (١).

وأما قوله تعالى: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٢) فقد أتى ما بعد (أفعل) فيه جمعا، مع أنّ ما قبله مفرد، والمسوغ لذلك كون المفرد المذكور لم يكن المراد به مفردا، وهو قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٣)، ويحقق ذلك استثناء الَّذِينَ آمَنُوا (٤) منه، فقد روعي المعنى في الإنسان، دون اللفظ؛ فمن ثمّ جاء ما بعد «أفعل» التفضيل مجموعا لا مفردا، والمحسن لمراعاة المعنى كون المضاف إليه «أفعل» فاصلة، فناسب أَسْفَلَ سافِلِينَ ما قبله من الفواصل، وما بعده أيضا، ومنهم من قال: التقدير: أسفل قوم سافلين، ثم إنّهم قالوا في قوله تعالى: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ (٥): لما لم تكن فاصلة اختير فيه الإفراد؛ لأنّه أخفّ، ويغني عن الجمع (٦).

وأقول: إنّ هذا الذي ذكروه لا ينتظم لي، مع قولهم: إنّ التقدير في الآية الشريفة (٧): ولا تكونوا أول فريق كافر به؛ لأنهم قدّروا مقدّرا يسوغ معه الإفراد، ولكنّ ما ذكروه يناسب أن يكون علة على التخريج الذي خرّجه المصنف، فإنه إنّما أحوجه إلى أن يستثني المشتقّ وروده في الآية الشريفة، فقال: إنّ المضاف إليه «أفعل» إذا كان مشتقّا جاز الأمران، فيقال له: لم اختير الإفراد على الجمع؟

فيكون الجواب ما تقدم، وهو أن المفرد أخفّ من الجمع، مع أنّه ليس فيه مخالفة بين الفواصل.


(١) ينظر المساعد لابن عقيل (٢/ ١٨٠، ١٨١) تحقيق د/ بركات. وفي شرح التصريح (٢/ ١٠٥):
(وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ بالإفراد - ومقتضى القاعدة «كافرين» بالجمع ليطابق الواو في، (تكونوا) - فالجواب ما قاله المبرد: إنه على حذف موصوف، والتقدير: أول فريق كافر به، وقال الفراء: إنما وجد؛ لأنه في معنى الفعل أي: أول من كفر، ولو أريد به الاسم لم يجز إلا الجمع) اهـ.
(٢) سورة التين: ٥.
(٣) سورة التين: ٤.
(٤) سورة التين: ٦.
(٥) سورة البقرة: ٤١.
(٦) هذا الكلام من التذييل والتكميل - بتصرف - (٤/ ٧٥٢، ٧٥٣).
(٧) سورة البقرة: ٤١. وهي قوله تعالى: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>