للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«قومك» وحاصل الأمر: أن يقدر حذف اسمين بعد حذف الضّمير المجرور بـ «من».

ومنها: أنّا نستفيد من قول المصنف لمّا ذكر الحذف للاختصار في: ما رأيت أحدا أحسن في عينه الكحل من عين زيد: ومن زيد أيضا، وأنّ التقدير فيه: من كحل عين زيد، أنه لما حذف المفضول وهو الضمير المجرور بـ «من» العائد على الظاهر المرفوع بـ «أفعل» أقيم الظاهر مقامه، ثم أضيف ذلك القائم مقام الضّمير إلى ما بعده، وبعد حذف حرف الجرّ الذي هو «من»، فالأصل: من كحل عين زيد، ثم: من عين زيد، ثمّ: من زيد، ومن ثمّ حكم بحذف مضافين في قولنا: من زيد.

والحاصل: أنّ «من» - بعد حذف الضمير المجرور بها - إمّا أن تباشر الظاهر الذي الضمير له وهو «الكحل»، وإمّا أن تباشر المحلّى الذي يحلّ فيه ذلك الظاهر، وهو العين، وإمّا أن تباشر صاحب ذلك المحلّ وهو زيد.

لكنّ المصنف - مع تقديره أنّ الأصل: من كحل عين زيد - لم يصرح بالظاهر لفظا، فقد يقال: إنّ التصريح به غير جائز والذي يظهر أنّ التصريح به غير ممتنع، وإنما قدّره المصنف ولم يصرح به؛ لأنه ذكر أنّ هذا المثال الذي هو: ما رأيت أحدا أحسن فيه الكحل منه في عين زيد، قد يختصر فيقال فيه: من عين زيد، ومن زيد، ومع التصريح بالظاهر لا يكون اختصار؛ لأنّ التصريح به كذكر الضمير، فينتفي الاختصار حينئذ كذكر الضمير ثمّ قد عرفت أنّ من كلامهم: ما رأيت كذبة أكثر عليها شاهد من كذبة أمير على منبر وأنّ التقدير فيه: من شهود كذبة أمير؛ ففيه حذف مضاف واحد، كما أنّ قولنا: في عينه الكحل من عين زيد؛ فيه حذف مضاف واحد، على الوجه الذي ذكره المصنف، ومما حذف فيه مضاف واحد المثال الذي ذكره المصنف في الألفية وهو:

فلن ترى في النّاس من رفيق ... أولى به الفضل من الصديق (١)

الأصل فيه: أولى به الفضل منه بالصديق، ثمّ حذف الضمير وأقيم الظاهر مقامه، فصار: من الفضل بالصّديق، ثمّ أضيف «الفضل» إلى «الصديق» ثم -


(١) في شرح الألفية للمرادي (٢/ ١٢٨): (الأصل: أولى به الفضل منه بالصديق؛ فاختصر).
وفي شرح الألفية للشاطبي (٤/ ٩٦): (تقول: لن ترى في الناس من رفيق يحقّ له الفضل كالصديق، فالمعنى في هذا الكلام كالمعنى في المثال، ومن ذلك قولهم: ما رأيت رجلا أبغض إليه الشرّ منه إلى زيد) اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>