للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أيام أحبّ إلى الله فيها الصوم من أيام العشر» (١).

قال: «وإنّما اشترطوا كون الظاهر سببيّا؛ لأنّ ذلك يجعله صالحا للقيام مقام الضمير؛ فإن الاستغناء بالظاهر السببيّ عن الضمير كثير، ولأنّ كونه سببيّا على الوجه المستعمل يجعل أفعل واقعا موقع الفعل (٢)، هذا كلامه في شرح الكافية، وكأنّه يعني بالضمير الذي صلح الظاهر لقيامه مقام الضمير الذي يرفعه «أفعل» بالغا عليه وكلام

الإمام بدر الدّين في شرح الألفية، يخالف ظاهرا كلام والده، فإنه قال: لم يرفع «أفعل» التفضيل الظاهر عند أكثر العرب، إلا إذا ولي نفيا [أو استفهاما]، وكان مرفوعه أجنبيّا، مفضلا على نفسه باعتبارين، نحو قولهم:

ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد (٣).

وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أيام أحب إلى الله فيها الصّوم منه في عشر ذي الحجة» انتهى.

وما قاله المصنف هو الظاهر؛ لأنّ «الصّوم» إنما وقع في الأيام التي هي موصوف «أفعل»، فكأنه قيل: فصومها، وكذا «الكحل»، وإنما هو حاصل في عين الموصوف بـ «أفعل» فكأنه قيل: كحل عينه فإن قيل: فإذا كان كذلك فلم لم يتعرض إلى ذكر السببية وجعلها شرطا في التسهيل، فالجواب أنه لا يحتاج إلى ذكره؛ لأن الشروط التي ذكرها - متى وجدت - لا يكون الظّاهر المرفوع بـ «أفعل» إلا كذلك، فكان في الاقتصار عليها غنية، ثم لا يعتذر عن بدر الدين بأن يقال: لا شكّ أنّ نحو: ما رأيت رجلا أحسن منه أبوه، غير جائز؛ لأننا نقول: إنّ امتناع هذا التركيب ليس من جهة أنّ المرفوع سببي بل من جهة أنّه لا يصحّ أن يقع موقع «أفعل» فعل يفيد معنى التفضيل كما سيأتي ذكر ذلك.

واعلم أن ابن الحاجب لما تعرض إلى المسألة قال: ولا يعمل - يعني «أفعل» -


(١) الحديث في: مسند الإمام أحمد بن حنبل (١/ ٢٢٤، ٣٣٨، ٣٤٦) ومسند الدارمي الباب (٥٢) من كتاب الصوم، والبخاري الباب (١١) من كتاب العيدين، والترمذي الباب (٥١) من كتاب الصوم، وابن ماجه الباب (٥٩) من كتاب الصيام.
(٢) شرح الكافية لابن مالك (٢/ ١١٤٠) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.
(٣) شرح الألفية لابن الناظم (٤٨٥، ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>