للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالإضافة إلى الأول شبها بمصحوب الألف واللام، ولأنّ ارتباطه بما يقتضيه لا بدّ منه، والارتباط إما بالإضافة، وإما بنصبه إياه، امتنعت الإضافة؛ لأنّ شيئا واحدا لا يضاف إلى شيئين، فتعيّن الارتباط بنصبه إياه، ونزّل هذا منزلة رفع «أفعل» التفضيل الظاهر في مسألة الكحل، ونظائرها، وإن كان أصله المنع، وقوى أبو علي الشلوبين (١) مذهب السيرافي بقولهم: هو ظانّ زيد أمس فاضلا، فإنّ «فاضلا» يتعين نصبه بـ «ظان»؛ لأنّه إن أضمر له ناصب لزم حذف أول مفعوليه، وثاني مفعولي «ظان»، وذلك لا يجوز؛ لامتناع الاقتصار على أحد مفعولي ظنّ، والصحيح قول الجمهور والتعليل بشبه المضاف بذي الألف واللّام ضعيف؛ لأنّ عمل ذي الألف واللّام إنما صحّ لوقوعه صلة، ووجوب تأويله لذلك بفعل، والمضاف بضد ذلك.

وأمّا الارتباط بزائد على المضاف إليه، فيكفي فيه شعور الذهن به، وأما: هو ظانّ زيدا أمس فاضلا، فليس إلا حذف أول مفعولي «ظنّ» المدلول عليه بـ «ظان»، وذلك شبيه بحذف ثاني مفعولي «ظنّ» المحذوف في: أزيدا ظننته فاضلا؟ (٢)، وأمّا «ظان» فليست إضافته على نية العمل، فيطلب مفعولا ثانيا، ولكن إضافته كإضافة اسم جامد، وكاستعماله غير مضاف في نحو، هذا ظانّ أمس زيدا فاضلا، على نصب زيد، وفاضل بـ «ظنّ» مدلولا عليه باسم الفاعل فهذا وأمثاله لا خلاف في جوازه، وبه يتخلص من إعمال اسم الفاعل الماضي، غير موصول به الألف واللام، ولا يمنع التثنية، ولا الجمع مطلقا إعمال اسم الفاعل، المستوفي شروط العمل، ولا فرق في ذلك بين جمع التكسير، وجمعي التصحيح، فإن قيل: -


- الفعل بعينه؛ وذلك لأن الفعل الماضي فيه بعض المضارعة، ولذلك بني على حركة، فبذلك الجزء من المضارعة يعمل الاسم الجاري عليه عملا ما، دون الاسم الجاري على الفعل المضارع، فعمل في الاسم الثاني لما لم يمكن إضافته إليه؛ لأنه لا يضاف إلى اسمين، فأضيف إلى الاسم الذي قبله، وصارت إضافته بمنزلة التنوين له، وعمل في الباقي بما فيه من معنى الفعل والتنوين) اهـ.
(١) في التوطئة لأبي علي الشلوبين (ص ٢٤١، ٢٤٢): (وإذا وجهت الإضافة، واتفق أن كان الفعل له أكثر من مفعول واحد، وانتصب ما زاد على الواحد بإضمار فعل نحو: هذا معطي زيد درهما، أن هذا مذهب الأكثر، وأجاز بعضهم نصبه باسم الفاعل، واحتج بقولهم هذا ظان زيد منطلقا أمس) انتهى.
ويراجع أيضا مذهب الشلوبين وأصحابه في التذييل والتكميل (٤/ ٨١٠، ٨١١) ومنهج السالك (ص ٣٢٨).
(٢) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٧٣ - ٨٢) فقد نقل عنه ناظر الجيش هذا الموضوع كله حتى قوله:
(هذا آخر كلام المصنف، رحمه الله تعالى، وهو كلام شاف).

<<  <  ج: ص:  >  >>