للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الاقتصار، وبين باب «أعطيت» فينصب فيه بإضمار فعل؛ لجواز الاقتصار.

ومنها: أنّ الكوفيين منعوا إعمال أمثلة المبالغة، كما أشار المصنف إلى ذلك في متن الكتاب، ومستند الكوفيين في عدم إعمالها أنها ليست جارية على الفعل، وإنما هي جارية مجرى الأسماء التي يمدح بها ويذمّ، وعندهم أنّ ما يذكر بعدها يجرّ بإضافتها إليه، فإن نوّن شيء منها، ونصب ما بعده كان نصبه بإضمار فعل يدل على الصفة، ومن ثمّ لم يجيزوا تقديم المنصوب على الصفة؛ لأنّ الصفة دالة على الفعل الناصب له، وباب الدليل أن يكون متقدما على ما يدل عليه (١).

[٣/ ١٤٤] واستدلّ ابن عصفور على بطلان دعواهم بأنّها لو كانت عاملة النصب فيما بعدها لوجب أن تتعرف بالإضافة إلى معرفة؛ لأنها عندهم ليست من نصب، لكنها تضاف إلى المعرفة، ولا تتعرّف، قال الشاعر:

٢١٨١ - أخا الحرب لبّاسا إليها جلالها ... وليس بولّاج الخوالف أعقلا (٢)

فوصف «ولّاج الخوالف» مع كونه مضافا إلى معرفة بـ «أعقل» وهو نكرة.

وقال الآخر:

٢١٨٢ - ربّ ابن عمّ لسليمى مشمعل ... طبّاخ ساعات الكرى زاد الكسل (٣)

-


(١) في شرح التصريح (٢/ ٦٨): (ولم يجز الكوفيّون إعمال شيء منها - أمثلة المبالغة - لمخالفتها لأوزان المضارع، ولمعناه، وحملوا المنصوب بعدها على تقدير فعل، ومنعوا تقديمه عليها) اهـ.
وفي المساعد لابن عقيل (٢/ ١٩٣) تحقيق د/ بركات: (خلافا للكوفيين، في منع أمثلة البالغة، ... وقالوا لزيادتها بالمبالغة على الفعل، إذ لا مبالغة فيه، وزعموا أن ما جاء منصوبا معها على إضمار فعل يفسره المثال) اهـ.
(٢) سبق تخريج هذا الشاهد قريبا. والشاهد فيه هنا ما ذكره الشارح.
(٣) هذا البيت من الرجز، وفي ديوان الشماخ بن ضرار الذبياني شطره الأول (ص ٣٨٨٩) ط. دار المعارف (١٩٧٧ م) ونسب فيه إلى جبار أخي الشماخ، والبيت بتمامه بهذه النسبة في شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي (١/ ١٢)، وفي جمهرة اللغة (٣/ ٤٠١) «خباز» بدل «طباخ».
اللغة: ابن عم سليمى: يريد عمه الشماخ، وسليمى: زوجة الشماخ، مشمعل: سريع نشيط، في كل ما أخذ فيه من عمل، الكرى: النعاس، الكسل - بكسر السين -: الكسلان.
والمعنى: إذا كسل أصحابه عن طبخ الزاد عند تعريسهم، وغلب الكرى عليهم؛ كفاهم ذلك، وشمّر في خدمتهم، والشاهد في البيت: على ما ذكره الشارح.
ينظر الشاهد في: الكتاب (١/ ١٧٧)، ومجالس ثعلب (١/ ١٢٦)، ومعاني القرآن للفراء (٢/ ٨٠)، والكامل للمبرد (١/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>