للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

٢٢٠٦ - فظلّ طهاة اللحم من بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجّل (١)

قالوا: فـ «قدير» معطوف على «صفيف» بتوهم الخفض فيه، بإضافة «منضج» إليه، ورد ذلك بأن «صفيفا» موضعه نصب كلفظه، وأقول: إنّ لقائل أن يقول: ليس العطف على الموضع إنّما هو باعتبار التوهّم، أي: توهم الجر، بإضافة ما قبله إليه، كما أنشده هو رحمه الله تعالى، وهو قول الشّاعر:

٢٢٠٧ - مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعب إلّا ببين غرابها (٢)

في رواية من خفض «ناعب» وقد طعن فيما استدلّوا به بأنه يلزم عنه أن يكون التقدير: من بين منضج أحد هذين، وذلك فاسد المعنى؛ لأنه إنما أراد أن يقسم الطهاة إلى صنفين، صنف يطبخ صفيفا، وصنف يطبخ قديرا، وإذا كان المعنى كذلك لم يكن بدّ في البيت من تقدير مضاف محذوف معطوف على «منضج» وكأنه قال: من بين منضج

صفيف شواء، أو طابخ قدير، ثمّ حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه (٣).

وقوله: فإن أتبعت بنعت [٣/ ١٤٩] إلى قوله: هذا ضارب زيد العاقل نفسه أمس؛ ظاهر، وعلم باستثنائه الذي هو بمعنى المضيّ وليس فيه ألف ولام أنّ اسم -


(١) البيت من الوافر، وهو من معلقة امرئ القيس الشاعر الجاهلي المشهور، والبيت في ديوانه (ص ٥٨).
اللغة: طهاة: جمع طاه، بمعنى منضج، وذلك يشمل طبخ اللحم وشيه، صفيف: مصفوف على الحجارة لينضج، قدير: لحم مطبوخ في القدر.
والشاهد في البيت قوله: «أو قدير» فقد استشهد به الكوفيون والبغداديون على جر «قدير» عطفا على موضع «صفيف» بتوهم الخفض فيه، بإضافة «منضج» إليه، كما ذكر ذلك الشارح.
ينظر الشاهد في: المعلقات السبع (ص ٤٩)، اللسان: «صفف»، والتذييل والتكميل (٤/ ٨٤٠).
(٢) البيت من الطويل، وقائله الفرزدق، أو الأحوص الرباحي.
ينظر: معجم الشواهد العربية (١/ ٤٣)، والبين: الفراق.
والشاهد فيه: عطف «ناعب» على خبر «ليس» وهو «مصلحين» على توهم دخول الباء عليه.
ينظر الشاهد في: الكتاب (١/ ١٦٥)، والخصائص (٢/ ٣٥٤)، والإنصاف (١/ ١٩٣، ٣٩٥)، وديوان الفرزدق (ص ٢٣).
(٣) في التذييل والتكميل (٤/ ٨٤٠): (يمكن حمله - «قدير» - على «منضج» على تقدير محذوف، أي: ومنضج قدير، فحذف وجعل كالثابت لتقدم ذكره فـ «أو» بمعنى الواو؛ لأن «بين» تقتضي ذلك، وخرجه بعض أصحابنا أيضا أن يكون معطوفا على «شواء» وتكون «أو» بمعنى الواو، وهذا ليس بشيء؛ لأن البينية إنما هي في الطهاة لا في معمول اسم الفاعل) اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>