للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنتفي الدلالة بما استدل به المصنف من قوله تعالى: سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ (١)، وكُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى (٢)، ثم ما ذكره في بكيت فيه نظر. والظاهر أن «بكى» فعل لازم وأنه إذا قيل: بكيت زيدا؛ كان «زيدا» منصوبا على إسقاط الجار، والأصل: بكيت على زيد، ولو كان هذا الفعل متعديا لامتنع ذكر «على» مع المفعول، وأما «بكى زيد دما» فالظاهر أن أصله (بكى) (٣) زيد بكاء دم، ثم حذف المنصوب الذي هو المصدر وأقيم المضاف إليه مقامه.

وأما كونها تكون بمعنى «بعد» فقد استدل المصنف على ذلك بقوله تعالى:

أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ (٤) أي: بعد زوالها، وبقول القائل من البيت المتقدم:

٢٤٣٨ - كأنّي ومالكا لطول اجتماع

أي: بعد طول اجتماع. وفيه نظر.

أما الآية الشريفة فالظاهر أن اللام فيها للسببيّة وهي ترجع إلى التعليل. المعنى:

إنه بدلوك الشمس تجب الصلاة، ولا بد أن يوجد الدلوك؛ لأنه العلة الموجبة، والعلة يتعين تقدمها على المعلول فالصلاة إنما تقع بعد الدلوك. أما إذا جعلت بمعنى «بعد» فإنه لا يلزم منه الاتصال - أعني اتصال وجوب الصلاة بحصول الدلوك - ولا شك أنه متصل. وأما البيت الذي أنشده فقد ذكر ابن عصفور فيه: أنه يحمل على تقدير مضاف محذوف وأن اللام لام السبب، قال: والتقدير: كأني ومالكا لفقد طول اجتماعنا أو لانقطاع طول اجتماعنا (٥).

وأما كونها تكون بمعنى «على» فقد استدل المصنف عليه بقوله تعالى: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (٦)، ودَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً (٧)، وفَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (٨) وقال الشاعر:

٢٤٣٩ - فخرّ صريعا لليدين وللفم

البيت الذي تقدم إنشاده. وقد أجاب النحاة عن البيت؛ قال ابن أبي الربيع فيه: -


(١) سورة الأعراف: ٥٧.
(٢) سورة الرعد: ٢.
(٣) بالأصل: بكان، وهو تحريف.
(٤) سورة الإسراء: ٧٨.
(٥) من نصوص شرح الإيضاح المفقود.
(٦) سورة الإسراء: ١٠٧.
(٧) سورة يونس: ١٢.
(٨) سورة الصافات: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>