للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجملة المعاني التي ذكرها أحد عشر. ولم يذكر من المعاني الاستعانة؛ لأنه جعل السببية شاملة لها وسيأتي أنهما غيران. وعلى هذا: تكون المعاني التي للباء اثني عشر معنى. ذكر المغاربة منها ستة وهي الإلصاق، والاستعانة، والسبب، والمصاحبة، معبرين عنها بالحال، والظرفية، والتعدية معبرين عنها بالنقل ثم إنهم لم يتعرضوا لذكر التعليل، ولا شك أنه معنى ثابت للباء وكذا البدل، والظاهر ثبوته أيضا. فهذه ثمانية معان، تبقى أربعة مما ذكره المصنف وهي: المقابلة، وموافقة «عن»، وموافقة «على»، وموافقة «من» التبعيضية. ولا شك أن في ثبوت كل منها بحثا سيذكر.

ثم إن ابن عصفور ذكر من جملة المعاني القسم (١)، ولا يتحقق ذلك فإن القسم لم يفهم من الحرف الذي هو الباء؛ بل من فعل القسم، والباء إنما هي لتعدية فعل القسم إلى المقسم به.

ثم اعلم أن سيبويه ذكر أن معنى الباء الإلصاق والاختلاط (٢)، ولم يذكر لها معنى آخر غير هذا. ومن ثم ذكروا أن الإلصاق معنى لا يفارق الباء وأن كونها للإلصاق لا يلزم منه ألّا يفاد بها معنى آخر كالاستعانة نحو: كتبت بالقلم، ونجرت بالقدوم، والمصاحبة نحو: خرج زيد بثوبه، حتى قال ابن أبي الربيع بعد أن مثل بما ذكرته: وإذا نظرت إلى هذا وما أشبهه وجدت فيها الإلصاق والاختلاط؛ لأنك ألصقت الكتب بالقلم والنّجر بالقدوم (٣)، وقال: وكذلك: خرج زيد بثوبه، هو بمنزلة: مررت بزيد؛ لأنه إذا صاحبك في حين الفعل فكأن فعلك ملتصق به (٤) قال: وكذلك إذا قلت: دخلت بزيد، أي: أدخلته؛ كان في الباء معنى الإلصاق والاختلاط؛ لأنك إذا جعلته يدخل فقد ألصقت الدخول به فالإلصاق عام فيها حيثما وقعت. وتلك المعاني تصاحب في موضع وتفارق في آخر. فينبغي أن يدعي أنها وضعت بإزاء المعنى المصاحب في كل حال لا بإزاء المعنى الذي يكون بحكم الانجرار لا بحكم الموضع (٥). انتهى.

ولا شك أن كون الإلصاق لا يفارقها غير ظاهر. ولا يخفى ما في تقرير ابن الربيع لذلك في كل مسألة من التكلف. وكلام ابن عصفور يقرب من كلامه -


(١) شرح الجمل (١/ ٤٩٣).
(٢) الكتاب (٤/ ٢١٧).
(٣)،
(٤) التذييل (٤/ ١٧) بغير نسبة إليه.
(٥) التذييل (٤/ ١٧) بغير نسبة إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>