للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الذي ذكره المصنف صرح به ابن عصفور فقال في المقرب ومعناها ومعنى الهمزة واحد إلا أنها لا تنقل الفعل عن الفاعل فتصيره مفعولا إلا في الأفعال غير المتعدية (١).

ولا شك أن ذلك يحتاج إلى تحرير.

وأما السببية: فقد عرفت قول المصنف: إن باء السببية هي الداخلة على صالح للاستغناء به عن فاعل معداها مجازا نحو: فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً (٢)، وتُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ [وَعَدُوَّكُمْ] (٣). وهو كلام صحيح؛ فإنه قد عرف أن الفعل كما يسند إلى الفاعل حقيقة يسند إلى السبب مجازا فباء السبب هي الداخلة على شيء تسبب عنه الفعل. لكن المصنف جعل الباء في نحو: كتبت بالقلم، وقطعت بالسكين؛ للسببية أيضا، وقال: إنه نكب عن التعبير عنها بباء الاستعانة التي هي عبارة النحويين من أجل الأفعال المنسوبة إلى الله تعالى.

وأقول: إن باء الاستعانة هي التي تباشر ما هو آلة حسية لا يمكن التوصل إلى المعمول المذكور معها إلا بها، وباء السبب هي التي تباشر ما يتسبب عنه ذلك المعمول المذكور معه حسيّا كان ذلك السبب أو معنويّا. وقد يتصور وجود ذلك المعمول مسببا عن سبب آخر غير المذكور وهذا بخلاف باء الاستعانة. ولا يلزم من إثبات الاستعانة. في حق الآدميين ثبوتها بالنسبة إلى أفعال الله تعالي. وإذا كان كذلك فما قاله المصنف غير ظاهر.

وأما التعليل: فلا شك أنه معنى ظاهر في الباء، لكن الجماعة - أعني المغاربة - لم يذكروه، وكأنهم استغنوا عن ذكره بذكر السبب، لكن قد تصح نسبة العلة إلى شيء ولا تصح نسبة السببية إليه كالبيت الذي أنشده المصنف وهو:

٢٤٦٧ - يموت بموته خلق كثير

فإن باء السببية عند المصنف هي الداخلة على صالح للاستغناء به عن فاعل معداها مجازا، وذلك لا يصح هنا فوجب أن يكون التعليل غير السببية. وقد عرفت أن المصنف من جملة ما مثل به للتعليل قوله تعالى حكاية: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ (٤)، وقال الشيخ: ليست الباء للتعليل، بل التعليل هو [قوله] (٥): -


(١) المقرب (١/ ٢٠٤).
(٢) سورة البقرة: ٢٢.
(٣) سورة الأنفال: ٦٠.
(٤) سورة القصص: ٢٠.
(٥) زيادة من التذييل.

<<  <  ج: ص:  >  >>