للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ابن عصفور بأن الباء حينئذ إنما تتعلق بالضمير الذي هو الفاعل وهو الذي يراد به الاكتفاء والضمير لا يجوز إعماله. وابن جني منع ذلك من جهة أخرى وهو أن معمول المصدر من كماله فيهما بمنزلة اسم واحد، فلو أضمرت المصدر وجعلت المجرور متعلقا بذلك الضمير؛ لأدى ذلك إلى أن يكون بعض الاسم مظهرا وبعضه مضمرا. ورد ابن عصفور هذا بأن قال: الموصولات كلها صلاتها تمام لها وفي كل صلة ضمير يعود على الموصول، ويلزم على قول ابن جني ألا يكون في الصلة ضمير يعود على الموصول لما يلزم منه أن يكون بعض الاسم مظهرا وبعضه مضمرا. انتهى.

وهذا الذي ذكره غير ظاهر؛ فإن الذي هو من تمام الموصول إنما هو الصلة، والعائد إنما هو للربط - أعني ربط الصلة بالموصول - ثم ليس مراد ابن جني بقوله:

ابن، بعض الاسم مضمر، أن ذلك البعض يكون ضميرا؛ بل مراده أنه مستتر أي:

غير ملفوظ به. ولا شك أن بعض الاسم لا يكون ملفوظا به والبعض الآخر ملفوظ به، ولمّا مثل ابن عصفور زيادة الباء في المبتدأ بقوله: بحسبك زيد، وأنشد:

٢٤٧٩ - بحسبك بالقوم أن يعلموا ... بأنّك في القوم غنيّ مضر (١)

وقال: التقدير: حسبك بالقوم أن يعلموا. قال: ومن زيادتها في المبتدأ أيضا قوله:

٢٤٨٠ - اضرب بالسّيف على نصابه ... أتى به الدّهر بما أتى به (٢)

قال: فـ «ما» من قوله: «بما أتى به» مبتدأ؛ بدليل عود الضمير عليها من الجملة التي قبلها، والتقدير: بما أتى به الدهر أتى به، والضمير لا يعود على متأخر لفظا إلا إذا كان متقدما في الرتبة. قال: ولا يحفظ زيادة الباء في المبتدأ إلا في هذين الموضعين. وزعم بعضهم (٣) أن الباء في قوله تعالى: بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٤) زائدة، وأنّ (أيكم) مبتدأ والتقدير: أيكم المفتون. قال: وزيادة الباء في المبتدأ لا ينبغي أن يقال بها ما وجدت عنها مندوحة؛ لقلة ما جاء من ذلك، والأولى القول بعدم زيادة الباء. ثم الآية الشريفة تحتمل وجهين: -


(١) من المتقارب للأشعر الرقبان: وانظر: الإنصاف (٢/ ٣٦٤)، والخصائص (٢/ ٢٨٢)، وشرح المفصل (٨/ ٢٣، ٣٩) واللسان «ضرر».
(٢) وهو بنصه في التذييل (٤/ ٢٠).
(٣) هو الأخفش، قال في المعاني له (١/ ٣٤٨): (يريد: أيكم المفتون).
(٤) سورة القلم: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>