للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكلام ابن هشام الخضراوي موافق له؛ فإنه لما أورد كلام الفارسي [٤/ ٥] وهو قوله: «في» معناها الوعاء، نحو: المال في الكيس، واللص في السجن، ويتسع فيها فيقال: زيد ينظر في العلم، وأنا في حاجتك (١) قال: هذا كما ذكر إنما تكون للوعاء حسّا أو تخييلا واستعارة كقولهم: فلان يسعى في حاجتك، ويتصرف في أمرك، فهي ظرف حسي، أو معنوي (٢).

وأقول: قد أشار المصنف إلى الظرف الحسي بقوله: حقيقة، وإلى الظرف المعنوي بقوله: مجازا؛ لكن مقتضى كلام سيبويه وكلام الفارسي وكلام هذين الرجلين أن «في» لا تفارقها الدلالة على هذا المعنى. ولهذا لما ذكر ابن أبي الربيع عن القتبي (٣) أن «في» تكون بمعنى كذا، وبمعنى كذا؛ قال: هذا جار على مذهب الكوفيين من وضع حرف مكان حرف لما بين الحروف من الاتفاق، وأما البصريون فيذهبون إلى التضمين.

وقال ابن عصفور: «في» معناها الوعاء حقيقة أو مجازا عند سيبويه (٤)، والمحققين من النحويين، فالحقيقة ظاهرة، والمجاز نحو قولك: أنا في حاجتك؛ جعلت الحاجة لك مكانا مجازا، واتساعا من حيث كان المعنى: أنا في طلب حاجتك؛ فصار طلبه للحاجة كأنه مشتمل عليه، وكذا: فلان ينظر في العلم؛ جعلت العلم وعاء للنظر من حيث كان محلّا له على جهة المجاز والاتساع، وكذا: في فلان عيب، وفي الخبر شك (٥).

والمصنف لا يلتزم بقاء دلالتها على هذا المعنى - أعني الظرفية - بل جعلها تستعمل مجردة عنه دالة على معنى آخر كما رأيت تعدادة لذلك، وهذا جري منه على الطريقة التي سلكها في إتيان معان متعددة لكل حرف من الحروف المذكورة في هذا الباب. على أن ابن عصفور صرّح بأن «في» للوعاء كما تقدم، وأن المثبت لها معنى غير ذلك هم الكوفيون.

وأما المصاحبة: فقد ذكروا من الدلالة على ذلك قول الشاعر:

٢٤٩٩ - ولوج ذراعين في بركة ... إلى جؤجؤ رهل المنكب (٦)

أي: مع بركة وهو الصدر، وقول الآخر: -


(١) الإيضاح (ص ٢٥١).
(٢) وانظر: التذييل (٤/ ٢٠).
(٣) انظر: الهمع (٢/ ٣٠).
(٤) الكتاب (٤/ ٢٢٦).
(٥) نقل من شرح الإيضاح المفقود وانظر في مثله المقرب ومعه المثل (ص ٢٧٥) وشرح الجمل: (١/ ٥١١).
(٦) ينسب البيت للنابغة الجعدي وليس في ديوانه، والتذييل (٤/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>