للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المعنى: قال ادخلوا في أمم خالية كائنة في النار؛ فليس (فى النار) (١) من متعلقات (ادخلوا) (٢). وأما قوله تعالى: وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ (٣) فـ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ في موضع الحال من الضمير المضاف إليه (سيئات؛) المعنى: أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم كائنين في أصحاب الجنة.

فأفادت «في» الظرفية المجازية؛ لأنهم لشدة اختلاطهم بهم جعلوا منهم. ومجيء الحال من المضاف إليه هنا كمجيئها منه في قوله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (٤)؛ لأن التجاوز عن سيئاتهم تجاوز عنهم فكأنه قيل: ونتجاوز عنهم. وأما قوله تعالى: حَقَّ (٥) عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ (٦) فيقال فيه ما قيل في قوله تعالى: قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ (٧). والحاصل: أن «في» مستعملة فيه في الظرفية المجازية. وأما قوله تعالى: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ (٨) فالظرفية ظاهرة والجار والمجرور في موضع الحال المعنى: فخرج على قومه كائنا في زينته.

ونظير هذا قوله تعالى: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ (٩)، والعرب تقول: جاء زيد في أصحابه وعشيرته أي: كائنا فيهم وعلى هذا يخرّج البيتان اللذان أنشدهما، وهما:

٢٥٠٢ - كحلاء في برج

و:

٢٥٠٣ - شموس ودود في حياء وعفّة

وأما التعليل فلم يذكره المغاربة، والظاهر ثبوته؛ فإن الدلائل التي استدل بها المصنف على هذا المعنى لا تدفع ولا يظهر في شيء منها معنى الظرفية. وأما المقايسة فقد عرفت معناها الذي فسرها به المصنف وعرفت استدلاله على [٤/ ٦] ذلك.

والذي يظهر في ما استدل به القول بالظرفية؛ لأن المعنى في الآية الشريفة: إن متاع الدنيا بتقدير جعله في الآخرة

قليل، والمعنى في الحديث الشريف: إنكم لو أدخلتم في سواكم من الأمم لكنتم كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، وكذا يقال في قول الخضر لموسى صلّى الله عليه وسلّم، وكذا يقال في البيتين اللذين أنشدهما. -


(١) و (٢) سورة الأعراف: ٣٨.
(٣) سورة الأحقاف: ١٦.
(٤) سورة النحل: ١٢٢.
(٥) في الأصل: و «حق»، وهو تحريف.
(٦) سورة الأحقاف: ١٨.
(٧) سورة الأعراف: ٣٨.
(٨) سورة القصص: ٧٩.
(٩) سورة الذاريات: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>