للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال ابن أبي الربيع: و «في» لها معنى هنا لا تقتضيه الباء؛ وذلك أنه لو قال:

حلف بالمصحف؛ لم يقتض أن المصحف أحضر له عند اليمين، وإذا قال: حلف في المصحف اقتضى أنه أحضر له

عند اليمين (١)، وأما:

٢٥١١ - وخضخض فينا البحر ...

فعلى حذف مضاف؛ التقدير: وخضخض في سيرنا البحر. وقد ذكر غير المصنف أن «في» تكون أيضا بمعنى «إلى»، وبمعنى «من» (٢)، واستدل على الأول بقوله تعالى: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ (٣) قيل: التقدير: إلى أفواههم، وعلى الثاني بقول امرئ القيس:

٢٥١٢ - وهل يعمن من كان أحدث عهده ... ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال (٤)

قال ابن عصفور: «وأما الآية الشريفة فقد فسرت على معنيين كلاهما «في» باقية فيه على بابها:

أحدهما: أن يراد بالأيدي الجوارح، والمعنى على ذلك: ردوا أيديهم في أفواههم وعضوا أناملهم من الغيظ كما قال تعالى: عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ (٥)، ومحال أن يعضوا أناملهم بأفواههم إلا بعد إدخالها في الأفواه.

والآخر: أن يراد بالأيدي النعم ويعني بذلك ما بلغهم الرسل صلوات الله تعالى عليهم عن الله تعالى من الأمر بما فيه خير لهم، والنهي عما فيه شرّ لهم؛ لأن ذلك نعمة فلما لم يقبلوا كلام الرسل صاروا كأنهم ردوا كلامهم في أفواههم، والعرب [٤/ ٧] تقول: ردّ كلام فلان في فيه؛ إذا لم يقبل منه. وأما بيت امرئ القيس فحمله ابن جني (٦) على حذف مضاف، والتقدير عنده: في عقب ثلاثة أحوال فتكون «في» للوعاء على بابها. -


(١) المصدر السابق أيضا.
(٢) هم الكوفيون والقتبي والأصمعي، وراجع التذييل (٤/ ٢٢).
(٣) سورة إبراهيم: ٩.
(٤) من الطويل، يريد: كيف ينعم من كان أقرب عهده بالنعيم ثلاثين شهرا من ثلاثة أحوال. وانظر ديوانه (ص ٢٧) والأشموني (٢/ ٢١٩)، والدرر (٢/ ٢٦)، والهمع (٢/ ٣٠).
(٥) سورة آل عمران: ١١٩.
(٦) في الخصائص (٢/ ٣١٣)، وراجع المغني (ص ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>